بإفادتها الإباحة المطلقة لجميع التصرفات حتى المتوقفة منها على الملك مع بقاء كل من العينين على ملك مالكه، غير أنه يحصل الملك بتلف إحدى العينين وما بحكمه، بل (عن المسالك): " إن كل من قال بالإباحة يسوغ جميع التصرفات (وقول) بإفادتها لذلك إلا ما يتوقف على الملك كالوطء والعتق واخراجه في خمس أو زكاة وغير ذلك، وهو المحكى عن حواشي الشهيد على القواعد، ويوافقه ما عن (المبسوط) من المنع عن وطئ الجارية المهداة بالهدية المجردة عن الايجاب والقبول، و (قول) بلحوقها بالبيع الفاسد من عدم الملك وعدم جواز التصرف فيه، وهو المحكى عن العلامة في (نهايته) وإن حكى الرجوع عنه في كتبه المتأخرة، بل قيل بعدم موافق له ومسبوق بالاجماع وملحوق به و (قول) بإفادتها الملك المتزلزل ويستقر بالتلف وما بحكمه، وهو صريح الكركي في شرحه على القواعد والمحكى عنه في تعليقه على الارشاد، حتى أنه نزل الإباحة في كلام الأصحاب على إرادة الملك المتزلزل، مع أن عباراتهم بين ظاهرة وصريحة بخلافه وعدم تحقق الملك بها وحملها على عدم اللزوم في غاية البعد. وعليك بالرجوع إلى عباراتهم ليتضح لك حقيقة الحال، وإنما تركناها خوفا " من الإطالة. وتبعه على هذا القول غير واحد ممن تأخر عنه وهو العمدة من الأقوال في المسألة بعد الأول منها، بل هما - أي القول بالإباحة المطلقة والقول بالملك المتزلزل قد يدعي تكافؤهما في الشهرة بين متأخري المتأخرين.
قيل: ويبعد كل من القولين:
أما الأخير فيبعده إن حصول الملك وكون المعاطاة من النواقل له مما يتوقف على جعل أو امضاء من الشارع، وليس عليه دليل، مع أن مقتضى الأصل هو العدم إلا دعوى السيرة الممنوع قيامها على أزيد من جواز التصرف الذي هو قدر مشترك بين الملك والإباحة وفيه ما ستعرف من الدليل