صاحب الحمام مبذولا منه مجانا لكونه مستحقا عليه بالعادة كالمستحق بالشرط في عقد الإجارة، وهذا هو الوجه في صحة إجارته لا ما قيل كما عن (التذكرة) وغيره: من أن بعض الأعيان قد يتناولها عقد الإجارة لمسيس الحاجة والضرورة أو يكون مشمولا بالتبع، أو عسى أن يقال - ولو بتكلف - كون الجميع منافع حتى استعمال الماء وإن استلزم ذلك اتلاف بعض أجزاء الماء ضرورة كونه كاتلاف بعض أجزاء الثوب مثلا بالاستعمال ومرجعه إلى ملحوظية ماء الحمام جملة بلحاظ وحداني، وما يستعمل ويتخلف في البدن ونحوه من أجزائه كأجزاء الثوب التالفة باندراسه للاستعمال. وفيه: أنه لو سلم ذلك فإنما يتم بالانغماس فيه لا بالاستعمال صبا في الغسل أو الغسل. هذا وتعيين مدة اللبث ومقدار الماء موكول إلى ما جرت به العادة وما زاد عليه مشروط بالرضاء المحرز غالبا بشاهد الحال.
وأما البئر فلا أرى وجها لصحة إجارتها منفردة للاستقاء، وإن صحت إجارتها تبعا للدار، ولذا حكى عن موضع من (التذكرة) و (القواعد) و (جامع المقاصد) بعد الاشكال أن الأولى والأقوى المنع. نعم حكى عن (الإيضاح) وموضع آخر من (التذكرة) الجواز. ولا وجه له يستند إليه إلا ما عسى أن يتوهم أن الأجرة في مقابل منفعة البئر من تصرف الاستقاء وغيره وبذل الماء لاقتضاء العادة كالحمام وفيه أن منفعتها المبذول في في مقابلها الأجرة إنما هي استعمال مائها، فهي كإجارة الشجرة لا كل ثمرها المعلوم بطلانها، أو عسى أن يقال: كما في (أجوبة مسائل القمي) مستشعرا ذلك من الحلي في (السرائر) أنه بإجارتها امتنع المالك عن التصرف في مائها باختياره، فأشبه بالاعراض الموجب للخروج عن ملكه، فيدخل في ملك المستأجر بالحيازة، فهو من التسليط الخاص المملوك باليد والحيازة وفيه مع أن الامتناع الاختياري شرعا موقوف على صحة الإجارة ومتأخر