تباعد مني فطحل، إذ سألته أمين، فزاد الله ما بيننا بعدا وروى ثعلب فطحل، بضم الفاء والحاء، أراد زاد الله ما بيننا بعدا أمين، وأنشد ابن بري لشاعر:
سقى الله حيا بين صاره والحمى، حمى فيد صوب المدجنات المواطر أمين ورد الله ركبا إليهم بخير، ووقاهم حمام المقادر وقال عمر بن أبي ربيعة في لغة من مد آمين:
يا رب لا تسلبني حبها أبدا، ويرحم الله عبدا قال: آمينا قال: ومعناهما اللهم استجب، وقيل: هو إيجاب رب افعل قال:
وهما موضوعان في موضع اسم الاستجابة، كما أن صه موضوع موضع سكوت، قال: وحقهما من الإعراب الوقف لأنهما بمنزلة الأصوات إذا كانا غير مشتقين من فعل، إلا أن النون فتحت فيهما لالتقاء الساكنين ولم تكسر النون لثقل الكسرة بعد الياء، كما فتحوا أين وكيف، وتشديد الميم خطأ، وهو مبني على الفتح مثل أين وكيف لاجتماع الساكنين. قال ابن جني: قال أحمد ابن يحيى قولهم آمين هو على إشباع فتحة الهمزة، ونشأت بعدها ألف، قال: فأما قول أبي العباس إن آمين بمنزلة عاصين فإنما يريد به أن الميم خفيفة كصاد عاصين، لا يريد به حقيقة الجمع، وكيف ذلك وقد حكي عن الحسن، رحمه الله، أنه قال: آمين اسم من أسماء الله عز وجل، وأين لك في اعتقاد معنى الجمع مع هذا التفسير؟ وقال مجاهد:
آمين اسم من أسماء الله، قال الأزهري: وليس يصح كما قاله عند أهل اللغة أنه بمنزلة يا الله وأضمر استجب لي، قال: ولو كان كما قال لرفع إذا أجري ولم يكن منصوبا. وروى الأزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أمه أم كلثوم بنت عقبة في قوله تعالى: واستعينوا بالصبر والصلاة، قالت: غشي على عبد الرحمن بن عوف غشية ظنوا أن نفسه خرجت فيها، فخرجت امرأته أم كلثوم إلى المسجد تستعين بما أمرت أن تستعين به من الصبر والصلاة، فلما أفاق قال:
أغشي علي؟ قالوا: نعم، قال: صدقتم، إنه أتاني ملكان في غشيتي فقالا: انطلق نحاكمك إلى العزيز الأمين، قال: فانطلقا بي، فلقيهما ملك آخر فقال: وأين تريدان به؟ قالا: نحاكمه إلى العزيز الأمين، قال: فارجعاه فإن هذا ممن كتب الله لهم السعادة وهم في بطون أمهاتهم، وسيمتع الله به نبيه ما شاء الله، قال: فعاش شهرا ثم مات. والتأمين: قول آمين. وفي حديث أبي هريرة: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: آمين خاتم رب العالمين على عباده المؤمنين، قال أبو بكر: معناه أنه طابع الله على عباده لأنه يدفع به عنهم الآفات والبلايا، فكان كخاتم الكتاب الذي يصونه ويمنع من فساده وإظهار ما فيه لمن يكره علمه به ووقوفه على ما فيه. وعن أبي هريرة أنه قال: آمين درجة في الجنة، قال أبو بكر: معناه أنها كلمة يكتسب بها قائلها درجة في الجنة. وفي حديث بلال: لا تسبقني بآمين، قال ابن الأثير: يشبه أن يكون بلال كان يقرأ الفاتحة في السكتة الأولى من سكتتي الإمام، فربما يبقى عليه منها شئ ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، قد فرغ من قراءتها، فاستمهله بلال في التأمين بقدر ما يتم فيه قراءة بقية السورة حتى ينال بركة موافقته في التأمين.