قال ابن بري: وزعم أبو عبيد أن البنة الرائحة الطيبة فقط، قال: وليس بصحيح بدليل قول علي، عليه السلام، للأشعث بن قيس حين خطب إليه ابنته: قم لعنك الله حائكا فلكأني أجد منك بنة الغزل، وفي رواية قال له الأشعث بن قيس: ما أحسبك عرفتني يا أمير المؤمنين، قال: بلى وإني لأجد بنة الغزل منك أي ريح الغزل، رماه بالحياكة، قيل: كان أبو الأشعث يولع بالنساجة.
والبن: الموضع المنتن الرائحة. الجوهري: البنة الرائحة، كريهة كانت أو طيبة. وكناس مبن أي ذو بنة، وهي رائحة بعر الظباء. التهذيب: وروى شمر في كتابه أن عمر، رضي الله عنه، سأل رجلا قدم من الثغر فقال: هل شرب الجيش في البنيات الصغار (* قوله في البنيات الصغار وقوله البنيات ههنا الأقداح إلخ هكذا بالتاء آخره في الأصل ونسخة من النهاية. وأورد الحديث في مادة بني وفي نسخة منها بنون آخره).؟ قال: لا، إن القوم ليؤتون بالإناء فيتداولونه حتى يشربوه كلهم، قال بعضهم: البنيات ههنا الأقداح الصغار. والإبنان:
اللزوم. وأبننت بالمكان إبنانا إذا أقمت به. ابن سيده: وبن بالمكان يبن بنا وأبن أقام به، قال ذو الرمة:
أبن بها عود المباءة طيب وأبي الأصمعي إلا أبن. وأبنت السحابة: دامت ولزمت.
ويقال: رأيت حيا مبنا بمكان كذا أي مقيما. والتبنين: التثبيت في الأمر. والبنين: المتثبت العاقل. وفي حديث شريح: قال له أعرابي وأراد أن يعجل عليه بالحكومة. تبنن، أي تثبت، من قولهم أبن بالمكان إذا أقام فيه، وقوله:
بل الذنابا عبسا مبنا يجوز أن يكون اللازم اللازق، ويجوز أن يكون من البنة التي هي الرائحة المنتنة، فإما أن يكون على الفعل، وإما أن يكون على النسب.
والبنان: الأصابع: وقيل: أطرافها، واحدتها بناتة، وأنشد ابن بري لعباس بن مرداس:
ألا ليتني قطعت منه بنانه، ولاقيته يقظان في البيت حادرا وفي حديث جابر وقتل أبيه يوم أحد: ما عرفته إلا ببنانه.
والبنان في قوله تعالى: بلى قادرين على أن نسوي بنانه، يعني شواه، قال الفارسي: نجعلها كخف البعير فلا ينتفع بها في صناعة، فأما ما أنشده سيبويه من قوله:
قد جعلت مي، على الطرار، خمس بنان قانئ الأظفار فإنه أضاف إلى المفرد بحسب إضافة الجنس، يعني بالمفرد أنه لم يكسر عليه واحد الجمع، إنما هو كسدرة وسدر، وجمع القلة بنانات. قال:
وربما استعاروا بناء أكثر العدد لأقله، وقال:
خمس بنان قانئ الأظفار يريد خمسا من البنان. ويقال: بنان مخضب لأن كل جمع بينه وبين واحده الهاء فإنه يوحد ويذكر. وقوله عز وجل: فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان، قال أبو إسحق: البنان ههنا جميع أعضاء البدن، وحكى الأزهري عن الزجاج قال: واحد البنان بنانة، قال: ومعناه ههنا الأصابع وغيرها من جميع الأعضاء، قال: وإنما اشتقاق البنان من قولهم أبن بالمكان، والبنان به يعتمل كل ما يكون للإقامة والحياة. الليث: البنان أطراف الأصابع من اليدين والرجلين، قال: والبنان