لسان العرب - ابن منظور - ج ١٣ - الصفحة ٢٥٩
قال: وهي أيضا مشطورة مضمنة أي ألقي من كل بيت نصف وبني على نصف، وفي المحكم: المضمن من أبيات الشعر ما لم يتم معناه إلا في البيت الذي بعده، قال: وليس بعيب عند الأخفش، وأن لا يكون تضمين أحسن، قال الأخفش: ولو كان كل ما يوجد ما هو أحسن منه قبيحا كان قول الشاعر:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا، ويأتيك بالأخبار من لم تزود رديئا إذا وجدت ما هو أشعر منه، قال: فليس التضمين بعيب كما أن هذا ليس بردئ، وقال ابن جني: هذا الذي رآه أبو الحسن من أن التضمين ليس بعيب مذهب تراه العرب وتستجيزه، ولم يعد فيه مذهبهم من وجهين: أحدهما السماع، والآخر القياس، أما السماع فلكثرة ما يرد عنهم من التضمين، وأما القياس فلأن العرب قد وضعت الشعر وضعا دلت به على جواز التضمين عندهم، وذلك ما أنشده صاحب الكتاب وأبو زيد وغيرهما من قول الربيع بن ضبع الفزاري:
أصبحت لا أحمل السلاح، ولا أملك رأس البعير، إن نفرا والذئب أخشاه، إن مررت به وحدي، وأخشى الرياح والمطرا.
فنصب العرب الذئب هنا، واختيار النحويين له من حيث كانت قبله جملة مركبة من فعل وفاعل، وهي قوله لا أملك، يدلك على جريه عند العرب والنحويين جميعا مجرى قولهم: ضربت زيدا وعمرا لقيته، فكأنه قال: ولقيت عمرا لتتجانس الجملتان في التركيب، فلولا أن البيتين جميعا عند العرب يجريان مجرى الجملة الواحدة لما اختارت العرب والنحويون جميعا نصب الذئب، ولكن دل على اتصال أحد البيتين بصاحبه وكونهما معا كالجملة المعطوف بعضها على بعض، وحكم المعطوف والمعطوف عليه أن يجريا مجرى العقدة الواحدة، هذا وجه القياس في حسن التضمين، إلا أن بإزائه شيئا آخر يقبح التضمين لأجله، وهو أن أبا الحسن وغيره قد قالوا: إن كل بيت من القصيدة شعر قائم بنفسه، فمن هنا قبح التضمين شيئا، ومن حيث ذكرنا من اختيار النصب في بيت الربيع حسن، وإذا كانت الحال على هذا فكلما ازدادت حاجة البيت الأول إلى الثاني واتصل به اتصالا شديدا كان أقبح مما لم يحتج الأول إلى الثاني هذه الحاجة، قال: فمن أشد التضمين قول الشاعر روي عن قطرب وغيره:
وليس المال، فاعلمه، بمال من الأقوام إلا للذي يريد به العلاء ويمتهنه لأقرب أقربيه، وللقصي.
فضمن بالموصول والصلة على شدة اتصال كل واحد منهما بصاحبه، وقال النابغة:
وهم وردوا الجفار على تميم، وهم أصحاب يوم عكاظ، إني شهدت لهم مواطن صادقات، أتيتهم بود الصدر مني وهذا دو الأول لأنه ليس اتصال المخبر عنه بخبره في شدة اتصال الموصول بصلته، ومثله قول القلاخ لسوار بن حيان المنقري:
ومثل سوار رددناه إلى إدرونه ولؤم إصه على ألرغم موطوء الحمى مذللا
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حرف النون فصل الألف 3
2 فصل الباء الموحدة 45
3 فصل التاء المثناة فوقها 71
4 فصل الثاء المثلثة 76
5 فصل الجيم 84
6 فصل الحاء المهملة 104
7 فصل الخاء المعجمة 136
8 فصل الدال المهملة 146
9 فصل الذال المعجمة 171
10 فصل الراء 175
11 فصل الزاي 193
12 فصل السين المهملة 203
13 فصل الشين المعجمة 230
14 فصل الصاد المهملة 244
15 فصل الضاد المعجمة 251
16 فصل الطاء المهملة 263
17 فصل الظاء المعجمة 270
18 فصل العين المهملة 275
19 فصل الغين المعجمة 309
20 فصل الفاء 317
21 فصل القاف 329
22 فصل الكاف 352
23 فصل اللام 372
24 فصل الميم 395
25 فصل النون 426
26 فصل الهاء 430
27 فصل الواو 441
28 فصل الياء المثناة تحتها 455
29 حرف الهاء فصل الهمزة 466
30 فصل الباء الموحدة 475
31 فصل التاء المثناة فوقها 480
32 فصل التاء المثلثة 483
33 فصل الجيم 483
34 فصل الحاء المهملة 487
35 فصل الدال المهملة 487
36 فصل الذال المعجمة 491
37 فصل الراء المهملة 491
38 فصل الزاي 494
39 فصل السين المهملة 494
40 فصل الشين المعجمة 503
41 فصل الصاد المهملة 511
42 فصل الضاد المعجمة 512
43 فصل الطاء المهملة 512
44 فصل العين المهملة 512
45 فصل الغين المعجمة 521
46 فصل الفاء 521
47 فصل القاف 530
48 فصل الكاف 533
49 فصل اللام 538
50 فصل الميم 539
51 فصل النون 546
52 فصل الهاء 551
53 فصل الواو 555
54 فصل الياء المثناة تحتها 564