شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٢ - الصفحة ١٦
في الفعل الذي هو الأصل في العمل بعد الرفع فكيف في فروعه، فمن ثم أولوا قوله:
45 - كأن مجر الرامسات ذيولها * عليه قضيم نمقته الصوانع (1)
(1) هذا البيت للنابغة الذبياني من قصيدة طويلة أولها عفا ذو حسا من فرتني فالفوارع * فجنبا أريك فالتلاع الدوافع وقبل البيت المستشهد به قوله:
توهمت آيات لها فعرفتها * لستة أعوام وذا العام سابغ رماد ككحل العين ما إن تبينه * ونؤى كجذم الحوض أثلم خاشع وذو حسا، وفرتني، وأريك: مواضع. ويروى * عفا حسم من فرتني * وهو موضع أيضا. وتوهمن: تفرست، والآيات: العلامات، واللام في قوله " لستة أعوام " بمعن بعد، وما في قوله " ما إن تبينه " نافيه، وإن بعدها زائدة، وتبينه: تظهره، والنؤى - بضم فسكون -: حفيرة تحفر حول الخباء لئلا يدخله المطر، والجذم - بكسر فسكون -: الأصل، والخاشع: اللاصق بالأرض، والضمير في عليه راجع إلى النؤى، والرامسات: الرياح الشديدة الهبوب وهي مأخوذة من الرمس وهو الدفن، ومنه سمى القبر رمسا، لأنها إذا هبت أثارت الغبار فيدفن ما يقع عليه، والمراد من ذيولها أواخرها التي تكون ضعيفة، والقضيم - بفتح فكسر -: الجلد الأبيض، ويقال: هو حصير خيوطه من سيور. ونمقته: حسنته. والصوانع: جمع صانعة وهي اسم فاعل من الصنع.
والاستشهاد بالبيت على أن مجر الرامسات مصدر ميمي بمعنى الجر، وإضافته إلى الرامسات من إضافة المصدر لفاعله، وذيولها مفعوله والكلام على تقدير مضاف، وكأنه قد قال: كأن أثر جر الرامسات ذيولها، فأما أن مجر مصدر فلما ذكره المؤلف من أن اسم المكان والزمان لا ينصبان المفعول، لأنهما لا يرفعان وعمل النصب فرع عمل الرفع، وأما تقدير المضاف فليصح المعنى، لأنك لو لم تقدره لكنت قد شبهت الحدث وهو الجر بالذات وهو القضم، وإنما يشبه الحدث بالحدث أو الذات بالذات، وهذا واضح بحمد الله إن شاء الله