شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٢ - الصفحة ١٤٠
كقلوص وجدود، ولا يجمع فعول جمع السلامة كما ذكرنا في شرح الكافية وقالوا: صفي، للناقة الغزيرة وصفايا، فيجوز أن يكون فعولا جمع على فعائل كقلوس وقلائص، وأن يكون فعيلا حمل على فعيل لكونه مؤنثا وقالوا: ودداء، في جمع ودود، وهو شاذ من وجهين: أحدهما أن فعولا لا يجمع على فعلاء بل هو قياس فعيل، لكنه شبه به لموافقته له حركة وسكونا، والثاني أن المضاعف لا يأتي فيه فعلاء في فعيل أيضا، بل أفعلاء نحو شديد وأشداء، لكنه لما شذ الشذوذ الأول احتملوا الثاني، فصاروا ودداء كخششاء (1) في الاسم المفرد، وإنما أدخلوا التاء عدوة وإن كان يستوي المذكر والمؤنث في هذا البناء حملا له على صديقة، وقالوا في الجمع عدو وصديق، قال تعالى: " فإنهم عدو لي) وقال الشاعر:
60 - * ودعها فما النجوى من صديقها (2) * وجمع عدو على أعداء، وإن لم يكن بابه، لاستعماله استعمال الأسماء كما مر قبل

(١) الخششاء - كالرحضاء -: العظم الناتئ خلف الاذن وهما خششاوان ويقال في الواحد: خشاء بالادغام (٢) هذا بيت من الرجز المشطور لرؤبة بن العجاج، وقبله قوله:
تنح للعجوز عن طريقها * قد أقبلت رائحة من سوقها وكان رؤبة يقعد بعد صلاة الجمعة في رحبة بنى تميم فينشد ويجتمع الناس إليه فازدحموا يوما فضيقوا الطريق فأقبلت عجوز معها شئ تحمله فقال هذه الأبيات، والاستشهاد به على أن صديقا في قوله من صديقها مما يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، وهو في البيت للجمع من قبل أن " من " للتبعيض وليس يجوز أن يكون النحوي بعض صديق واحد فتعين أن يكون بعض أصدقاء وهذا هو المراد، ومما يدل على ذلك قول قعنب ابن أم صاحب ما بال قوم صديق ثم ليس لهم * دين وليس لهم عهد إذا أؤتمنوا وقول جرير:
دعون الهوى ثم ارتمين قلوبنا * بأعين أعداء وهن صديق وقول الاخر:
فلو أنك في يوم الرخاء سألتني * طلاقك لم أبخل وأنت صديق ومن هنا تعلم أن قول من قال إن " صديقا " في البيت كالكليب والعبيد من صيغ الجموع غير سديد، لأنه قد أخبر به عن الواحدة كما في البيت الثالث، ولو كان كالعبيد والكليب لم يستعمل إلا في الجمع، ويجب حمل كلام المؤلف على ما ذكرنا
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست