خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين، قال فاخرج منها) 1، أي:
إذا كان عندك هذا الكبر فاخرج، وقال: (رب فأنظرني)، أي إذا كنت لعنتني فأنظرني، وقال:
(فإنك من المنظرين)، أي إذا اخترت الدنيا على الآخرة فإنك من المنظرين، (قال فبعزتك)، أي إذا أعطيتني هذا المراد فبعزتك (لأغوينهم) وكثيرا ما تكون فاء السببية بمعنى لام السببية، وذلك إذا كان ما بعدها مسببا لما قبله، كقوله تعالى:
(اخرج منها فإنك رجيم) 2، وتقول: أكرم زيدا فإنه فاضل، فهذه تدخل على ما هو الشرط في المعنى، كما أن الأولى دخلت على ما هو الجزاء في المعنى، وذلك أنك تقول: زيد فاضل فأكرمه، وتعكس فتقول: أكرمه فإنه فاضل، ثم اعلم أنه لا تنافي بين السببية والعاطفة، فقد تكون سببية وهي مع ذلك عاطفة جملة على جملة، نحو: يقوم زيد فيغضب عمرو، لكن لا يلازمها العطف نحو إن لقيته فأكرمه، ثم إنه قد يؤتى في الكلام بفاء موقعها موقع السببية، وليست بها، بل هي زائدة، وفائدة زيادتها: التنبيه على لزوم ما بعدها لما قبلها لزوم الجزاء للشرط ، كما تقدم في الظروف المبنية 3، وقد تجئ زائدة في غير هذا الموضع المذكور، نحو: زيد فوجد، عند الأخفش، وقوله:
لا تجزعي ان مفغسا أهلكته * فإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي 4 - 46 ثم اعلم أن إفادة الفاء للترتيب، لا ينافيها كون الثاني المترتب يحصل بتمامه في زمان طويل، إذا كان أول أجزائه متعقبا لما تقدم، كقوله تعالى: (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء ،