والله أن ترجع إلى ما كنت عليه وتنقض هذه البيعة، فقد نقض ما كان بينك وبينه!
قال: ونظر الحسن بن علي إلى معاوية وإلى ما قد نزل به من الخوف والجزع، فجعل يسكن الناس حتى سكنوا، ثم قال للمسيب:
يا مسيب! إن الغدر لا يليق بنا لا خير فيه، ولو أني أردت بما فعلت الدنيا لم يكن معاوية بأصبر مني على اللقاء ولا أثبت عند الوغاء، ولا أقوى على المحاربة إذا استقرت الهيجاء، ولكني أردت بذلك صلاحكم وكف بعضكم عن بعض، فارضوا بقضاء الله وسلموا الأمر لله حتى يستريح بر ويستراح من فاجر.
قال: فبينما الحسن بن علي يكلم المسيب بهذا الكلام إذا برجل من أهل الكوفة يقال له: عبيدة بن عمرو الكندي قد دخل، وفي وجهه ضربة منكرة قال: وعرفه الحسن فقال: ما هذا الذي بوجهك يا أخا كندة؟ قال: هذه ضربة أصابتني مع قيس ابن سعد. فقال حجر بن عدي الكندي: أما والله لقد وددت إنك مت في ذلك ومتنا معك، ثم لم نر هذا اليوم. فإنا رجعنا راغمين بما كرهنا، ورجعوا مسرورين بما أحبوا.
قال: فتغير وجه الحسن ثم قام عن مجلس معاوية وصار إلى منزله؛ ثم أرسل إلى حجر بن عدي فدعاه، ثم قال له: يا حجر! إني قد سمعت كلامك في مجلس معاوية، وليس كل إنسان يحب ما تحب ولا رأيه كرأيك، وإني لم أفعل ما فعلت إلا ابقاء عليكم والله تعالى كل يوم في شأن.
قال: فبينا الحسن يكلم حجر بن عدي إذا برجل من أصحابه قد دخل عليه يقال له: سفيان بن الليل البهمي فقال له: السلام عليك يا مذل المؤمنين، فلقد جئت بأمر عظيم، هلا قاتلت حتى تموت ونموت معك! فقال له الحسن: