القاسية عند مرآه فاستوقف الحسن وقال: يا بن رسول الله أنصفني فقال (عليه السلام): في أي شي؟ فقال: جدك يقول: الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر وأنت مؤمن وأنا كافر فما أرى الدنيا إلا جنة لك تتنعم بها وتستلذ فيها؟ وما أراها إلا سجنا لي قد أهلكني ضرها وأتلفني فقرها؟
فلما سمع الحسن (عليه السلام) كلامه أشرق عليه نور التأييد؛ واستخرج الجواب بفهمه من خزانة علمه وأوضح لليهودي خطأ ظنه، وخطل زعمه، وقال: يا شيخ لو نظرت إلى ما أعد الله لي وللمؤمنين في الدار الآخرة مما لا عين رأت ولا أذن سمعت، لعلمت إني قبل انتقالي إليه في هذه الدنيا في سجن ضنك ولو نظرت إلى ما أعد الله لك ولكل كافر في الدار الآخرة من سعير نار الجحيم، ونكال عذاب المقيم، لرأيت إنك قبل مصيرك إليه الآن في جنة واسعة؛ ونعمة جامعة.
فانظر إلى هذا الجواب الصادع بالصواب كيف قد تفجرت بمستعذبه عيون علمه، وأينعت بمستغربه فنون فهمه، فياله جوابا ما امتنه، وصوابا ما أبينه، وخطابا ما أحسنه، صدر عن علم مقتبس من مشكاة نور النبوة، وتأييد موروث من آثار معالم الرسالة (1).
كراهة الموت [305] - 2 - قال الصدوق:
حدثنا محمد بن إبراهيم، عن أحمد بن يونس المعاذي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي، قال: حدثنا محمد بن محمد بن الأشعث، عن موسى بن