أيها الناس، إسمعوا وعوا، واتقوا الله وراجعوا، وهيهات منكم الرجعة إلى الحق، وقد صارعكم النكوص، وخامركم الطغيان والجحود؟! ﴿أنلزمكموها وأنتم لها كارهون﴾ (1) والسلام على من اتبع الهدى.
قال: فقال معاوية: والله ما نزل الحسن حتى أظلمت علي الأرض وهممت أن أبطش به، ثم علمت أن الإغضاء أقرب إلى العافية (2).
[134] - 54 - قال ابن أبي الحديد:
روى أبو الحسن المدائني، قال: سأل معاوية الحسن بن علي (عليهما السلام) بعد الصلح أن يخطب الناس فامتنع، فناشده أن يفعل، فوضع له كرسي، فجلس عليه، ثم قال:
الحمد الله الذي توحد في ملكه، وتفرد في ربوبيته يؤتي الملك من يشاء، وينزعه عمن يشاء، والحمد لله الذي أكرم بنا مؤمنكم، وأخرج من الشرك أولكم، وحقن دماء آخركم، فبلاؤنا عندكم قديما وحديثا أحسن البلاء، إن شكرتم أو كفرتم.
أيها الناس إن رب علي كان أعلم بعلي حين قبضه إليه، ولقد اختصه بفضل لن تعتادوا بمثله، ولن تجدوا مثل سابقته.
فهيهات هيهات! طالما قلبتم له الأمور حتى أعلاه الله عليكم وهو صاحبكم، غزاكم في بدر وأخواتها، جرعكم رنقا، وسقاكم علقا، وأذل رقابكم وأشرقكم بريقكم فلستم بملومين على بغضه. وأيم الله لا ترى أمة محمد [(صلى الله عليه وآله)] خفضا ما كانت سادتهم وقادتهم في بني أمية ولقد وجه الله إليكم فتنة لن تصدوا عنها حتى