فيصيح من أعلى مأذنته: يا رجل إنك لكاذب ساحر، وكان أبي يسميه عنق النار، وفي رواية عرف النار فيسأل عن ذلك، فقال: إن الأشعث إذا حضرته الوفاة دخل عليه عنق من النار ممدودة من السماء فتحرقه، فلا يدفن إلا وهو فحمة سوداء، فلما توفى نظر سائر من حضر إلى النار وقد دخلت عليه كالعنق الممدود حتى أحرقته وهو يصيح ويدعو بالويل والثبور (1).
في ظلامة أبيه [30] - 11 - قال الراوندي:
روى أن أعرابيا أتى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو في المسجد فقال: مظلوم قال: ادن مني، فدنا حتى وضع يديه على ركبتيه، قال: ما ظلامتك؟ فشكا ظلامته، فقال: يا أعرابي أنا أعظم ظلامة منك، ظلمني المدر والوبر ولم يبق بيت من العرب إلا وقد دخلت مظلمتي عليهم، وما زلت مظلوما حتى قعدت مقعدي هذا، إن كان عقيل بن أبي طالب يومه ليرمد فما يدعهم يذرونه حتى يأتوني فاذر وما بعيني رمد.
ثم كتب له بظلامته ورحل، فهاج الناس وقالوا: قد طعن على الرجلين، فدخل عليه الحسن (عليه السلام) فقال: قد علمت ما شرب قلوب الناس من حب هذين، فخرج فقال:
الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، فصعد المنبر فحمد الله واثنى عليه فقال:
أيها الناس إن الحرب خدعة، فإذا سمعتموني أقول: " قال رسول الله " فوالله لئن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب على رسول الله كذبة، وإذا حدثتكم أن الحرب خدعة؛ ثم ذكر غير ذلك، فقام رجل يساوي برأسه رمانة المنبر فقال: أنا أبرء من