القنطرة فلما أصبح نادى في الناس: الصلاة جامعة، فاجتمعوا، وصعد المنبر، فخطبهم، فحمد الله فقال:
الحمد لله كلما حمده حامد، وأشهد أن لا إله إلا الله كلما شهد له شاهد، وأشهد أن محمدا رسول الله أرسله بالحق، وائتمنه على الوحي (صلى الله عليه وآله).
أما بعد، فوالله إني لأرجو أن أكون قد أصبحت بحمد الله ومنه وأنا أنصح خلق الله لخلقه، وما أصبحت محتملا على مسلم ضغينة ولا مريدا له سوءا ولا غائلة، ألا وإن ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة، ألا وإني ناظر لكم خيرا من نظركم لأنفسكم، فلا تخالفوا أمري، ولا تردوا علي رأيي، غفر الله لي ولكم وأرشدني وإياكم لما فيه المحبة والرضا.
قال: فنظر الناس بعضهم إلى بعض، وقالوا: ما ترونه، يريد [بما قال؟] قالوا:
نظنه والله يريد أن يصالح معاوية ويسلم الأمر إليه، فقالوا: كفر والله الرجل ثم شدوا على فسطاطه فانتهبوه حتى أخذوا مصلاه من تحته، ثم شد عليه عبد الرحمن بن عبد الله بن جعال الأزدي، فنزع مطرفه عن عاتقه، فبقى جالسا متقلدا السيف بغير رداء، ثم دعا بفرسه فركبه، وأحدق به طوائف من خاصته وشيعته، ومنعوا منه من أراده، ولاموه وضعفوه لما تكلم به.
فقال: ادعوا لي ربيعة وهمدان، فدعوا له، فأطافوا به، ودفعوا الناس عنه، ومعهم شوب (1) من غيرهم، فقام إليه رجل من بني أسد من بني نصر بن قعين يقال له الجراح بن سنان (2)، فلما مر في مظلم ساباط قام إليه فأخذ بلجام بغلته وبيده