بأمرك. قال (عليه السلام): كذبتم، والله ما وفيتم لمن كان خيرا مني فكيف تفون لي؟! أو كيف أطمئن إليكم ولا أثق بكم إن كنتم صادقين؟ فموعد ما بيني وبينكم معسكر المدائن، فوافوني هناك.
فركب، وركب معه من أراد الخروج، وتخلف عنه خلق كثير لم يفوا بما قالوه، وبما وعدوه، وغروه كما غروا أمير المؤمنين (عليه السلام) من قبله.
فقام خطيبا وقال: قد غررتموني كما غررتم من كان قبلي، مع أي إمام تقاتلون بعدي؟! مع الكافر الظالم، الذي لم يؤمن بالله، ولا برسوله قط، ولا أظهر الإسلام هو ولا بنو أمية إلا فرقا من السيف؟! ولو لم يبق لبني أمية إلا عجوز درداء لبغت دين الله عوجا، وهكذا قال رسول الله (صلى الله عليه وآله).
ثم وجه إليه قائدا في أربعة آلاف، وكان من كندة، وأمره أن يعسكر بالأنبار ولا يحدث شيئا حتى يأتيه أمره. فلما توجه إلى الأنبار، ونزل بها، وعلم معاوية بذلك بعث إليه رسلا، وكتب إليه معهم.
إنك إن أقبلت إلي وليتك بعض كور الشام، أو الجزيرة، غير منفس عليك، وأرسل إليه بخمسمائة ألف درهم، فقبض الكندي - عدو الله - المال، وقلب على الحسن (عليه السلام) وصار إلى معاوية، في مائتي رجل من خاصته وأهل بيته.
وبلغ الحسن (عليه السلام) [ذلك] فقام خطيبا وقال: هذا الكندي توجه إلى معاوية وغدر بي وبكم، وقد أخبرتكم مرة بعد أخرى إنه لا وفاء لكم، أنتم عبيد الدنيا، وأنا موجه رجلا آخر مكانه، وأنا أعلم أنه سيفعل بي وبكم ما فعل صاحبه، لا يراقب الله في ولا فيكم. فبعث إليه رجلا من مراد في أربعة آلاف وتقدم إليه بمشهد من الناس، وتوكد عليه، وأخبره إنه سيغدر كما غدر الكندي، فحلف له بالأيمان التي لا