الذي نزل به. قال: فبينا هو كذلك إذ وقع الخبر في العسكرين إن الحسن بن علي قد طعن في فخذه وإنه قد تفرق عنه أصحابه، فاغتم قيس بن سعد وأراد أن يشغل الناس بالحرب لكي لا يذكروا هذا الخبر، فزحف القوم بعضهم إلى بعض فاختلطوا للقتال، فقتل من أصحاب معاوية جماعة وجرح منهم بشر كثير، وكذلك من أصحاب قيس بن سعد، ثم تحاجزوا.
وأرسل معاوية إلى قيس فقال: يا هذا! على ماذا تقاتلنا وتقتل نفسك؟ وقد أتانا الخبر اليقين بأن صاحبك قد خلعه أصحابه. وقد طعن في فخذه طعنة أسفى منها على الهلاك، فيجب أن تكف عنا ونكف عنك إلى أن يأتيك علم ذلك.
قال: فامسك قيس بن سعد عن القتال ينتظر الخبر. قال: وجعل أهل العراق يتوجهون إلى معاوية قبيلة بعد قبيلة، حتى خف عسكره.
فلما رأى ذلك كتب إلى الحسن بن علي يخبره بما هو فيه، فلما قرأ الحسن الكتاب أرسل إلى وجه أصحابه فدعاهم، ثم قال: يا أهل العراق! ما أصنع بجماعتكم معي وهذا كتاب قيس بن سعد يخبرني بأن أهل الشرف منكم قد صاروا إلى معاوية، أما والله ما هذا بمنكر منكم لأنكم أنتم الذين أكرهتم أبي يوم صفين على الحكمين، فلما أمضى الحكومة وقبل منكم اختلفتم، ثم دعاكم إلى قتال معاوية ثانية فتوانيتم، ثم صار إلى ما صار إليه من كرامة الله إياه، ثم إنكم بايعتموني طائعين غير مكرهين، فأخذت بيعتكم وخرجت في وجهي هذا والله يعلم ما نويت فيه، فكان منكم إلى ما كان، يا أهل العراق! فحسبي منكم لا تغروني في ديني فإني مسلم هذا الأمر إلى معاوية (1).