لأجبتك إلى ما دعوتني إليه، ورأيتك لذلك أهلا، ولكني قد علمت أني أطول منك ولاية، وأقدم منك لهذه الأمة تجربة، وأكثر منك سياسة، وأكبر منك سنا، فأنت أحق أن تجيبني إلى هذه المنزلة التي سألتني، فادخل في طاعتي ولك الأمر من بعدي، ولك ما في بيت مال العراق من مال بالغا ما بلغ تحمله إلى حيث أحببت ولك خراج أي كور العراق شئت، معونة لك على نفقتك، يجيبها لك أمينك، ويحملها إليك في كل سنة، ولك ألا يستولي عليك بالإساءة ولا تقضي دونك الأمور، ولا تعصي في أمر أردت به طاعة الله عزوجل، أعاننا الله وإياك على طاعته إنه سميع مجيب الدعاء، والسلام.
قال جندب: فلما أتيت الحسن بن علي بكتاب معاوية قلت له: إن الرجل سائر إليك، فابدأ أنت بالمسير حتى تقاتله في أرضه وبلاده وعمله، فأما أن تقدر أنه يتناولك فلا والله حتى يرى يوما أعظم من يوم صفين، فقال: أفعل ثم قعد عن مشورتي وتناسي قولي.
وقال أيضا: وكتب معاوية إلى الحسن بن علي:
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فإن الله عزوجل يفعل في عباده ما يشاء ﴿لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب﴾ (1) فاحذر أن تكون منيتك على يد رعاع من الناس، وايئس من أن تجد فينا غميزة، وإن أنت أعرضت عما أنت فيه وبايعتني وفيت لك بما وعدت، وأجزت لك ما شرطت، وأكون في ذلك كما قال أعشى بني قيس بن ثعلبة:
وإن أحد أسدى إليك أمانة * فأوف بها تدعى إذا مت وافيا