قال: فاستطار هارون غضبا وقال: ارجع إليه وقل له: ليس برضاك حبسناك، ولا برضاك أخدمناك، واترك الجارية عنده وانصرف.
قال: فمضى ورجع، ثم قام هارون عن مجلسه، وأنفذ الخادم إليه ليتفحص عن حالها، فرآها ساجدة لربها لا ترفع رأسها، تقول: قدوس، سبحانك سبحانك! فقال هارون: سحرها والله موسى بن جعفر بسحره (1)، علي بها... (2).
3 - عن محمد الرافعي، قال: كان لي ابن عم يقال له الحسن بن عبد الله، وكان زاهدا، وكان من أعبد أهل زمانه، وكان يتقيه السلطان لجده في الدين واجتهاده، وربما استقبل السلطان في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بما يغضبه، فكان يحتمل ذلك له لصلاحه، فلم تزل هذه حاله حتى دخل يوما المسجد وفيه أبو الحسن موسى (عليه السلام)، فأومأ إليه فأتاه، فقال له: يا أبا علي، ما أحب إلي ما أنت فيه وأسرني به، إلا أنه ليست لك معرفة، فاطلب المعرفة.
فقال له: جعلت فداك، وما المعرفة؟ قال: إذهب تفقه، واطلب الحديث.
قال: عمن؟ قال: عن فقهاء أهل المدينة، ثم اعرض علي الحديث.
قال: فذهب فكتب، ثم جاء فقرأه عليه فأسقطه كله، ثم قال له: اذهب فاعرف، وكان الرجل معنيا بدينه، قال: فلم يزل يترصد أبا الحسن حتى خرج إلى ضيعة له، فلقيه في الطريق فقال له: جعلت فداك، إني أحتج عليك بين يدي الله، فدلني على ما تجب علي معرفته.