ثم قال: في أي شيء جئت؟ قلت: في مسائل أسأل عنها، وأريد الحج.
فقال لي: اسأل عما تريد.
فقلت: كم في المائتين من الزكاة؟ قال: خمسة دراهم. قلت: كم في المائة؟
قال: درهمان ونصف.
فقلت: حسن يا مولاي، أعيذك بالله، ما تقول في رجل قال لامرأته:
أنت طالق عدد نجوم السماء؟ قال: يكفيه من رأس الجوزاء ثلاثة. فقلت:
الرجل لا يحسن شيئا، فقمت وقلت: أنا أعود إلى سيدنا غدا. فقال: إن كان لك حاجة فإنا لا نقصر... (1) وفي حديث أبي جعفر الأحول وهشام بن سالم المتقدم آنفا ما يدل على تشخيص خلص أصحاب الأئمة للإمام ودقة تحريهم في هذا الأمر الخطير.
وقد عرفوا المغزى الحقيقي وراء وصية الإمام الصادق (عليه السلام) لأكثر من واحد بعده، والإمام لا يوصي إلا إلى واحد، فقد روى داود بن كثير الرقي قال:
أتى أعرابي إلى أبي حمزة [وكان جالسا في لمة من أصحابه]، فسأله خبرا، فقال:
توفي جعفر الصادق (عليه السلام)، فشهق شهقة وأغمي عليه، فلما أفاق قال: هل أوصى إلى أحد؟ قال: نعم، أوصى إلى ابنه عبد الله وموسى وأبي جعفر المنصور، فضحك أبو حمزة وقال: الحمد لله الذي هدانا ولم يضلنا، بين لنا عن الكبير، ودلنا على الصغير، وأخفى عن أمر عظيم، فسئل عن قوله فقال: بين عيوب الكبير، ودل على الصغير بأن أدخل يده مع الكبير، وستر الأمر الخطير بالمنصور، لأنه لو سأل المنصور عن الوصي لقيل: أنت (2).