بالمواثيق يعد واحدا من المبادئ الدولية في الإسلام، ولا ينبغي أن ينقض المواثيق تحت أية ذريعة كانت. ومن هنا فقد كتب في عهده إلى مالك الأشتر:
" وإن عقدت بينك وبين عدوك عقدة أو ألبسته منك ذمة، فحط عهدك بالوفاء، وارع ذمتك بالأمانة، واجعل نفسك جنة دون ما أعطيت؛ فإنه ليس من فرائض الله شيء الناس أشد عليه اجتماعا، مع تفرق أهوائهم وتشتت آرائهم، من تعظيم الوفاء بالعهود. وقد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين لما استوبلوا من عواقب الغدر؛ فلا تغدرن بذمتك، ولا تخيسن بعهدك، ولا تختلن عدوك؛ فإنه لا يجترئ على الله إلا جاهل شقي. وقد جعل الله عهده وذمته أمنا أفضاه بين العباد برحمته، وحريما يسكنون إلى منعته، ويستفيضون إلى جواره؛ فلا إدغال ولا مدالسة ولا خداع فيه " (1).
فإذا كان الإمام علي (عليه السلام) ينقض هذا المبدأ الإسلامي الأساسي، فما عسانا أن نتوقع من غيره!
ج - خطورة تسلط الجهلة المتنسكين إن خطر تسلط الجهلة المتنسكين - في منظار الامام (عليه السلام) - لا يقل عن خطر العلماء الفاسقين؛ فالاعتراف بخطأ، ونقض العهد في أمر التحكيم، كان يعني انصياع علي (عليه السلام) لتسلط الجهلة المتنسكين - المصابين بمرض العجب وحب الدنيا والتطرف الديني لدى من اشتهروا باسم " القراء " - على نفسه وعلى الأمة الإسلامية، وأنه قد فوض إليهم القرارات الأساسية في الحرب والسلام، ومن بعدهما في جميع الأمور المهمة والحساسة. وهذا ليس بالأمر الذي يمكن أن