قال: ذلك مما يجدون في أنفسهم (1).
والنقطة اللافتة للانتباه في هذا الحوار هي أن السائل يجد صعوبة في أن يقر بأن رجالا يشهرون سيوفهم ويقاتلون دفاعا عن عقيدة مشوبة بالشك والارتياب. وجواب الإمام (عليه السلام) هو أنهم لا ينطلقون في تحركهم من وحي عقيدة راسخة معينة، بل من وحي عواطف باطنية دعتهم إلى اتخاذ مثل ذلك الموقف، وهذه النقطة شديدة الإثارة للتأمل والدعوة إلى الاعتبار، فقد يحدث - بل كثيرا ما يحدث - أن يقع الإنسان دونما تفكير أسيرا لعواطفه دفعة واحدة، في المواطن المثيرة والمواضع التي تحكمها اللحظة الحاضرة إلى درجة يتعطل معها عقله بغتة، وهو يعيش إعصار العاطفة، فإذا ما سكن هذا الإعصار وهدأت فورته يفهم الراكب موجته ماذا كان فعل، وكيف فقد كنزه! وكلام الإمام (عليه السلام) يدل على أن تحرك المارقين لم يعتمد على عقيدة راسخة. وفيما ذكرناه - وفي غيره من الحقائق التي تصدق على حياة بعضهم - إنارة وبيان لهذه الحقيقة.
2 - حب الدنيا يمكن أن نعد حب الدنيا وتأثير مغرياتها العامل الثاني لانحراف الخوارج، مهما تعددت أشكال هذا الحب ومؤشراته. وهذا الموضوع في الحقيقة أهم عامل في زيغ التيارات الثلاثة: الناكثين والقاسطين والمارقين. وقد تعرض الإمام (عليه السلام) إلى هذه الحقيقة في كلام عميق له قال فيه:
" فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة، ومرقت أخرى، وقسط آخرون، كأنهم لم يسمعوا كلام الله حيث يقول: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في