أبو بكر منها يوم تصدى لأمر الخلافة وغصبها.
ثانيهما وهي الدعوى الصورية الصادرة على سبيل التنزل عن الدعوى الأولى من باب المماشاة مع الخصم وتبكيته في المرحلة الثانية، انها كانت إرثا لها من أبيها ولم يكن له وارث غيرها، فلا بد حينئذ أن تكون فدك لها اما من باب النحلة والعطية أو من باب الإرث البتة.
وذكر بعضهم: إن دعوى النحلة كانت متأخرة عن دعوى الإرث، وان فاطمة (عليها السلام) قالت في تحرير دعواها أولا أن فدكا ملكي وإرثي وهي في تصرفي، فتمسك أبو بكر برواية الصدقة، فقالت (عليها السلام): فعليك يا أبا بكر أن تثبت حديث الصدقة، فلما أصر أبو بكر على الإلتزام برواية الصدقة قالت فاطمة (عليها السلام): انه لو كانت رواية الصدقة أيضا صحيحة ففدك لم تكن تركة، لأن النبي (صلى الله عليه وآله) وهبها لي وأعطاني بذلك وثيقة.
فطلب حينئذ أبو بكر البينة، فلما أتت (عليها السلام) بشهودها مع كونها صادقة مصدقة، مطهرة من الكذب وغيره من الرذائل القولية والفعلية والطبيعية بشهادة الله تعالى في آية التطهير، وشهادة رسوله البشير النذير، ومن أصدق من الله ورسوله قيلا، ومن أصدق منهما حديثا، رد أبو بكر حينئذ الشهود، وجرحهم بما ليس منه في الشريعة عين ولا أثر على ما سيذكر.
ولا يخفى أن هذا ضعيف جدا بل باطل بلا كلام لوجوه كثيرة لا يناسب ذكرها المقام، ولا حاجة إليه بعد وضوح المرام، كما لا يخفى لأولى الأفهام.
وفي شرح ابن أبي الحديد انه قد ذهب أبو علي من العامة إلى أن دعوى الإرث كانت متقدمة على دعوى النحلة، وتعجب منه المرتضى (رحمه الله) وقال:
إنا لا نعرف له غرضا في ذلك، لأنه لا يصح له بذلك مذهب ولا يبطل على مخالفيه مذهب.
ثم قال الشارح المزبور: والمرتضى لم يقف على مراد الشيخ أبي علي في ذلك، وهذا شئ يرجع إلى أصول الفقه، فان أصحابنا استدلوا على جواز