تخصيص الكتاب بخبر الواحد باجماع، لأنهم أجمعوا على تخصيص قوله تعالى:
﴿يوصيكم الله في أولادكم﴾ (1) برواية أبي بكر عن النبي (صلى الله عليه وآله) انه قال: لا نورث ما تركناه صدقة.
قالوا: والصحيح في الخبر أن فاطمة (عليها السلام) طالبت بعد ذلك بالنحلة لا بالميراث، فلهذا قال الشيخ أبو علي أن دعوى الميراث تقدمت على دعوى النحلة، وذلك لأنه قد ثبت أن فاطمة (عليها السلام) انصرفت عن ذلك المجلس غير راضية ولا موافقة لأبي بكر، فلو كانت دعوى الإرث متأخرة وانصرفت عن سخط لم يثبت الإجماع على تخصيص الكتاب بخبر الواحد، أما إذا كانت دعوى الإرث متقدمة فلما روى لها الخبر سكتت وانتقلت إلى النزاع من جهة أخرى، فإنه يصح حينئذ الاستدلال بالإجماع على تخصيص الكتاب بخبر الواحد.
فاما أنا فالأخبار عندي متعارضة، يدل بعضها على أن دعوى الإرث متأخرة، ويدل بعضها على أنها متقدمة، وأنا في هذا الموضع متوقف، وما ذكره المرتضى من أن الحال تقتضي أن تكون البداية بدعوى النحلة صحيح، إنتهى (2).
وعلى أي حال فالحق الظاهر في المجال - كما لا يخفى لمن تتبع الأخبار، وجاس خلال تلك الديار - هو تقدم دعوى العطية لصحة وقوع تلك القضية وإن كان تأخرها لا ينفع للخصم شيئا في المرحلة مما هو مقصود الإثبات في المرحلة من ظلم أبي بكر لهذه المعصومة المظلومة.
أما الدعوى الأولى: وهي أن فدك كانت نحلة لها من أبيها، فهي مبتنية على بيان مقدمتين:
الأولى: ان فدكا كانت مختصة برسول الله (صلى الله عليه وآله) دون المسلمين لأنه مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وإنما هي مما أفاء الله على رسوله، وكلما كان كذلك يكون للرسول (صلى الله عليه وآله) خاصة، وهذا لا نزاع فيه بين