نساء المهاجرين والأنصار، فقلن لها: كيف أصبحت يا بنة رسول الله؟ قالت:
والله أصبحت عائفة لدنياكم... (1) إلى آخر ما سيأتي في بيان حالات مرضها (عليها السلام).
ثم قال ابن أبي الحديد: قلت: هذا الكلام وإن لم يكن فيه ذكر فدك والميراث إلا أنه من تتمة ذلك، وفيه إيضاح لما كان عندها، وبيان لشدة غيظها وغضبها (2).
وقال أيضا بعد نقل ما ذكره المرتضى (رحمه الله) في رد قاضي القضاة فيما ادعاه من أن فاطمة لما سمعت الخبر عن أبي بكر كفت عن الطلب، لأن طلبها إنما كان من جهة عدم العلم بصدور الرواية، فلما علمت به سكتت فأصابت أولا وأصابت ثانيا مما تمسك به المرتضى (رحمه الله) في رده من الخبر المشتمل على جملة من الخطبة الصادرة عنها المشتملة على التظلم والشكاية مع كلام آخر في المرحلة: قلت: ليس في هذا الخبر ما يدل على فساد ما ادعاه قاضي القضاة، لأنه ادعى انها نازعت وخاصمت، ثم كفت لما سمعت الرواية وانصرفت تاركة للنزاع راضية بموجب الأخبار.
وما ذكره المرتضى من هذا الكلام لا يدل إلا على سخطها حال حضورها، ولا يدل على أنها بعد رواية الخبر، وبعد أن أقسم لها أبو بكر بالله تعالى أنه ما روى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا ما سمع منه، انصرفت ساخطة، ولا في الحديث المذكور والكلام المروي ما يدل على ذلك، ولست أعتقد أنها انصرفت راضية كما قال قاضي القضاة، بل أعلم أنها انصرفت ساخطة وماتت وهي على أبي بكر واجدة، ولكن لا من هذا الخبر بل أخبار أخر، كان الأولى بالمرتضى أن يحتج بها على ما يرويه في انصرافها ساخطة وموتها على ذلك السخط، واما هذا الخبر وهذا الكلام فلا يدل على هذا المطلوب (3).