ويكون هذا أيضا كناية عن ذكر نسبه، فإن في ذكر نسبه (صلى الله عليه وآله) تعظيما له وتوقيرا، حيث أنه كان نورا في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة، لم تنجسه الجاهلية بأنجاسها، ولم تلبسه من مدلهمات ثيابها.
و (المعزي إليه) هو النبي (صلى الله عليه وآله)، أي ان نسبتي إليه وأنا بنته كما فهم من قولها (عليها السلام) (تجدوه أبي دون نسائكم) أي هو (صلى الله عليه وآله) أبي وليس أبا نسائكم، فأنا مخصوصة بتلك النسبة من بين نساء الأمة، ونعم المنسوب إليه الرسول المشار إليه، والمعزي كمرمي اسم مفعول من المجرد، ويجوز أن يجعل مفعولا من المزيد من باب التفعيل إن جعل التضعيف للمبالغة إلا أنه مرجوح.
و (الرسالة) في الأصل مصدر وهو وصف الرسول، ولا معنى ظاهرا لتبليغها، فالمراد بها ما يلزم للرسول أن يبلغه وهو الأمر المرسل به.
وقولها (عليها السلام) (صادعا بالنذارة) صادعا اسم فاعل من الصدع بمعنى الإظهار، تقول: صدعت الشيء صدعا - من باب منع - أي أظهرته، وصدعت بالحق إذا تكلمت به جهارا، قال الله تعالى: ﴿فاصدع بما تؤمر﴾ (١) قال الفراء: أي فاصدع بالأمر أي أظهر دينك الذي أمرت به وباظهاره (٢).
وقيل: أبنه إبانة لا تنمحي كما لا يلتئم صدع الزجاجة، والكلام استعارة، والمستعار منه كسر الزجاجة، والمستعار له التبليغ، والجامع التأثر، وقيل: فرق بين الحق والباطل، وقيل: شق جماعاتهم بالتوحيد أو بالقرآن.
وأصل الصدع هو الشق مطلقا أو الشق الذي يظهر منه الصوت، يقال: صدعته فانصدع أي انشق، وصدعت الزجاجة فانصدعت والاسم أيضا الصدع، ومنه قوله تعالى: ﴿والأرض ذات الصدع﴾ (3) أي ذات انشقاق بالسحاب.