والمجاهدة في سبيل ربه مع الخاص والعام، داعيا إلى سبيل ربه كما أمره سبحانه بقوله: ﴿ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن﴾ (١).
قيل: المراد بالحكمة البراهين القاطعة وهي للخواص، وبالموعظة الحسنة الخطابات المقنعة والعبر النافعة وهي للعوام، وبالمجادلة التي هي أحسن الزام المعاندين الجاحدين بالمقدمات المشهورة والمسلمة، واما المغالطات والشعريات فلا تناسب درجة أصحاب النبوة.
وقيل في معنى الآية وبيان معاني الحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن وجوه غير ذلك قد مرت إليها الإشارة في بيان معنى الحكمة في شرح قولها (عليها السلام): (إلا تبيينا للحكمة).
قولها (عليها السلام): (يكسر الأصنام وينكث الهام) النكث - بالثاء المثلثة - القاء الرجل على رأسه، يقال: طعنه فنكثه ومنه يتفرع قولهم: نكث الرجل العهد أو الحبل نكثا - من باب قتل - نقضه ونبذه فانتكث مثل نقضه فانتقض.
والنكث - بالكسر - ما نقض من غزل الشعر ونحوه ليغزل، والجمع أنكاث مثل حمل واحمال، قال تعالى: ﴿كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا﴾ (2)، وفي الصحاح: النكث - بالكسر - أن تنقض أخلاق الأخبية والأكسية لتغزل ثانية (3).
وفي حديث علي (عليه السلام): (أمرت بقتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين) (4)، فالناكثون أهل الجمل لأنهم نكثوا البيعة أي نقضوها، واستنزلوا عائشة وساروا بها إلى البصرة، وهم عسكر الجمل ورؤساؤهم، والقاسطون أهل صفين، لأنهم جاروا في حكمهم وبغوا، والمارقون الخوارج، لأنهم مرقوا من الدين كما يمرق السهم من الرمية، وهذا التفسير مروي عن النبي