ثم قالت (عليها السلام):
((أيها الناس أنا فاطمة وأبي محمد (صلى الله عليه وآله)، أقولها حقا عودا وبدءا، ولا أقول ما أقول غلطا، ولا أفعل ما أفعل شططا، (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) فان تعزوه وتعرفوه تجدوه أبي دون نسائكم، وأخا ابن عمي دون رجالكم، ولنعم المعزي إليه، فبلغ الرسالة صادعا بالنذارة، مائلا عن مدرجة المشركين، ضاربا ثبجهم، آخذا بأكظامهم، داعيا إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، يكسر الأصنام، وينكت الهام حتى انهزم الجمع وولوا الدبر، حتى تفرى الليل عن صبحه، وأسفر الحق عن محضه، ونطق زعيم الدين، وخرست شقاشق الشياطين، وطاح وشيظ النفاق، وانحلت عقد الكفر والشقاق)).
بيان:
قولها (عليها السلام): (أيها الناس) منادى حذف منه حرف النداء لكثرة الاستعمال، وإذا أريد المبالغة في التنبيه ذكر حرف النداء فيقال: يا أيها الناس، وإذا أريد الإشارة إلى الاستعجال وضيق المجال، ولو من حيث الإيهام إلى ضيقه من حيث الاهتمام لذكر المطلوب الأهم حذف حرف النداء، وأصل المنادى واقعا هو الناس، وظاهرا هو أيها، والناس صفة أو بدل أو عطف بيان، وتفصيل الكلام مذكور في كتب النحو.
وقولها (عليها السلام): (أقولها حقا) أي أقول الكلمة السابقة حقا أي بحق، أو حققت هذه الكلمة حقا، أو حقت هي حقا، أو أقولها محقة فيما أقول أي لا شك اني فاطمة التي قال فيها النبي (صلى الله عليه وآله): (فاطمة بضعة مني) كما لا شك اني بنت محمد (صلى الله عليه وآله) وهو أبي، فلا تنكروا ميراثه أو عطيته في حقي.