ثم إن سليمان خرج في طلب الخاتم، فهرب ومر على ساحل البحر تائبا إلى الله تعالى، فمر بصياد يصيد السمك فقال له: أعينك على أن تعطيني من السمك شيئا، فقال: نعم، فلما اصطاد دفع إلى سليمان سمكة، فأخذها فشق بطنها فوجد الخاتم في بطنها، فلبسه فخرت عليه الشياطين والوحش ورجع إلى مكانه، فطلب ذلك الشيطان وجنوده الذين كانوا معه فقتلهم، وحبس بعضهم في جوف الماء وبعضهم في جوف الصخرة، فهم محبوسون إلى يوم القيامة (1).
و (الجبار) فعال من الجبر، وهو أن تغني الرجل أو تصلح عظمه من كسر، وجبرت العظم فجبر أي أصلحته فانجبر، يستعمل لازما ومتعديا، ويقال: جبرت اليد أي وضعت عليها الجبيرة، وهي عظام توضع على الموضع العليل من الجسد ينجبر بها.
وجبرت اليتيم أعطيته، ويقال: جبر الله فلانا فاجتبر أي سد مفاقره، فالجبار يرجع إلى المبالغة في معنى قوله (عليه السلام): (يا جابر العظم الكسير) (2) أي المصلح لجميع نقائص أمور خلقه، كما قال في النهاية: في حديث علي (عليه السلام): (وجبار القلوب على فطراتها) هو من جبر العظم المكسور، كأنه أقام القلوب وأثبتها على ما فطرها عليه من معرفته والإقرار به شقيا أو سعيدا، قال القتيبي: لم أجعله من أجبرت لأن أفعل لا يقال فيه فعال (3).
ويقال: أجبرته على الأمر أي أكرهته عليه بمعنى حملته عليه قهرا وغلبة فهو مجبر، وهو لغة عامة العرب، فالجبار لا يكون مبالغة من هذا الباب لأنه مزيد، وكان على هذا المعنى أن يطلق عليه تعالى المجبر لا الجبار.
ولو فرض تصحيحه بحذف الزوائد نظير ما قيل في نحو قولهم: طوحته الطوائح، ان الطائح فاعل من طوحته أو أطاحته بحذف الزوائد بمنى المطوح