القديم، فإن علمه القديم هو ذاته العالية عن المقامات الماضية، والمراد من معرفة الله كما قيل الاطلاع على نعوته وصفاته الجلالية بقدر الطاقة البشرية، وأما الاطلاع على الذات المقدسة فمما لا مطمع فيه لأحد.
قال سلطان المحققين الطوسي (رحمه الله): إن مراتب المعرفة بالله تعرف بملاحظة مراتب معرفة النار مثلا، فإن لمعرفتها مراتب أدناها معرفة من سمع ان في الوجود شيئا يعدم كل شئ يلاقيه، ويظهر أثره في كل شئ يحاذيه، ويسمى ذلك الموجود نارا.
ونظير هذه المرتبة في معرفة الله معرفة المقلدين الذين صدقوا بالدين من غير وقوف على الحجة، وأعلى منها مرتبة معرفة من وصل إليه دخان النار، وعلم أنه لابد له من مؤثر، فحكم بذات لها أثر هو الدخان.
ونظير هذه المعرفة في معرفة الله معرفة أهل النظر والاستدلال الذين حكموا بالبراهين القاطعة على وجود الصانع، وأعلى منها مرتبة معرفة من أحس بالنار بسبب مجاورتها، وشاهد الموجودات بنورها، وانتفع بذلك الأثر، ونظير هذه المرتبة في معرفة الله معرفة المؤمنين المخلصين الذين اطمأنت قلوبهم بالله، وتيقنوا ان الله نور السماوات والأرض، كما وصف به نفسه.
وأعلى منها مرتبة معرفة من احترق بالنار بكليته، وتلاشى فيها بجملته، ونظير هذه المرتبة في معرفة الله معرفة أهل الشهود والفناء في الله، وهي الدرجة العليا والمرتبة القصوى، رزقنا الله الوصول إليها، والوقوف عليها بمنه وكرمه، إنتهى (1).
وفي الخبر عن علي (عليه السلام): (لا آخذ بقول عراف ولا قائف) (2) والعراف مثل المنجم والكاهن يستدل على معرفة المسروق والضالة بكلام أو فعل، وقيل: العراف يخبر عن الماضي والكاهن يخبر عن الماضي والمستقبل معا.
ومعروف الكرخي من أصحاب الصادق (عليه السلام)، ومن حديثه انه قال