والشهداء والأخيار والأبرار دون الأشرار والفجار، فالنار وجه ظاهر من وجوه الله تعالى، فعبدوها بلحاظ انها وجه الله ومظهر بعض آثاره الكاملة.
واستشهد بعض المتأخرين منهم بما روى عنه (عليه السلام) انه لما سئل عن وجه الله كيف هو وأين هو وما هو؟ فأمر (عليه السلام) بنار فأوقدت واشتعلت، فقال (عليه السلام) للسائل: أين وجه هذه الشعلة؟ قال السائل: كل طرف منها وجه لها، فقال (عليه السلام): فكذلك الله تعالى، فكل شئ وجه له تعالى، وأينما تولوا فثم وجه الله (١).
واستشعروا من تمثيله (عليه السلام) بالنار الإشارة إلى انها أقرب الأشياء إلى الله تعالى في عالم المظهرية، فخصوها بالتوجه إليه تعالى بها دون سائر الأشياء، ثم سرى الوهم والخيال في الجهلة الضلال فجعلوها إلها مستقلا، فغفلوا عن المبدأ تعالى، وقيل غير ذلك.
واما عبدة الأصنام فقيل: إنه كان جماعة من سلفهم ظنوا ان الكواكب المنيرة صور وقوالب للملائكة المقربين وغير المقربين، العاكفين في جناب الله سبحانه، وانهم مقربون عند الله وشفعاء الخليقة في جناب الله تعالى في أمور الدنيا والآخرة، فصوروا صور الكواكب السبعة وقالوا لها الهياكل النورية، وجعلوها في بيوت العبادة.
فهيكل القمر في بيت، وهيكل العطارد في بيت وهكذا، وزينوا تلك البيوت، وكانوا يدخلون تلك البيوت للعبادة ويخرجون، ثم تجاوز الأمر بحكم التسويلات الشيطانية إلى نحت أصنام اخر من صور الكواكب الاخر وغير ذلك، فجعلوها في بيوت الأصنام وعبدوها استرضاء لأرباب الصور المذكورة ليشفعوا لهم عند الله سبحانه، ولهذا قالوا: ﴿ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى﴾ (2) ثم توهم المتأخرون منهم انها آلهة حقيقة، وتعدوا بعد ذلك إلى صور الحيوانات وغير ذلك.