وهو نور الله الساري في جميع الموجودات، وهو جهة ظهور جميع المخلوقات، فكل شئ منور بنوره تعالى، وظاهر بظهوره.
ثم إن كل شئ موجود من الدرة إلى الذرة مشتمل على ثلاث مراتب متداخلة، فالعالم الكبير مثلا مشتمل على الجبروت والملكوت والناسوت، فالجبروت هو المصباح، والملكوت هو الزجاجة، والناسوت هو المشكاة، وكذلك العالم الصغير والوسيط، وبوجه آخر كل شئ مركب من روح ونفس وجسد، فالروح هو المصباح، والنفس هو الزجاجة، والجسد هو المشكاة، وكذلك القلب مع الصدر والجسد، والروح مع القلب والصدر ونحو ذلك.
وبوجه آخر كل شئ مركب من القشر واللب، وبرزخ بينهما لا يبغيان، وبوجه آخر كل ممكن زوج تركيبي، وفي المركبين أيضا برزخ بين الأمرين، وهكذا كل زوجين اثنين حتى نفس المصباح ونفس المشكاة أيضا كذلك، وكل ذرة من الذرات كذلك أي (مطلق كل) (1) أمور ثلاثة متداخلة كذلك، فصفة المشكاة موجودة في كل شئ لا تغادر صغيرة ولا كبيرة، فجميع الأشياء مشكاة على الصفة السابقة، وفي كل منها صفة نوره وآثار ظهوره، وهو الذي اختفى لفرط نوره، والظاهر الباطن في ظهوره ظاهر عند كل من شهده، باطن عن منافق جحده، وإلى ذلك أشار من قال:
فواعجبا كيف يعصى الإله * أم كيف يجحده الجاحد وفي كل شئ له آية * تدل على أنه واحد وهذا المصباح الوجودي النوري يوقد من شجرة مباركة، هي القدرة الإلهية الكاملة المنشعبة من جهة اختلاف أنواع الموجودات الكونية، وبركتها من جهة صدور جميع الموجودات الخيرية منها، وهي زيتونة في كثرة منافعها، أو في كونها سببا للفيوضات النورية السارية الجارية من الدرة إلى الذرة، أو في كونها