السفلي الذي هو كالمشكاة، والشجرة المباركة هي أمر الله التكويني، وهي كثيرة المنافع، لا شرقية ولا غربية لا واجبة ولا ممتنعة، يكاد يصدر من مبدئه لقوة استعداده من حيث صلوح الإمكان، ولو لم تمسسه نار المشيئة، نور على نور لتنور العالم السفلية والعقلية به.
الرابع: ما ذكره الإمام الغزالي في مشكاة الأنوار (1)، وقد نقله النواب الأعلى، والجناب المعلي، مؤيد الدولة العلياء، والملة البيضاء - أدام الله تأييده - بخطه الشريف ورسمه المنيف، في حاشية نسخة شريفة من تفسير الإمام أبي الفتوح الرازي (رحمه الله) كانت عنده، وأمرني بنقله في هذه النسخة.
وهو من أحسن المعاني للآية الشريفة، ونقلته بلفظه على ما نقله، وهو قوله:
لابد في المقام من بيان مراتب الأرواح البشرية النورانية، إذ بمعرفتها يعرف أمثلة قوله تعالى: (الله نور السماوات والأرض) وهي خمسة.
فالأول منها: الروح الحساس، وهو الذي يتلقى ما تورده الحواس الخمس، وكأنه أصل للروح الحيواني وأوله إذ به يصير الحيوان حيوانا، وهو موجود للصبي الرضيع أيضا.
الثاني: الروح الخيالي، وهو الذي يستثبت ما أوردته الحواس الخمس، ويحفظه عنده مخزونا ليعرضه على الروح العقلي الذي فوقه عند الحاجة إليه، وهذا ما يوجد للصبي الرضيع في بداية نشوه.
الثالث: الروح العقلي الذي به يدرك المعاني الخارجة عن الحس والخيال، وهو الجوهر الإنسي الخاص، ولا يكون للبهائم ولا للصبيان، ومدركاته المعارف الضرورية الكلية.
الرابع: الروح الفكري، وهو الذي يأخذ العلوم العقلية المحضة فيوقع بينها تأليفات وازدواجات، ويستنتج منها معارف شريفة، ثم إذا استفاد نتيجتين مثلا ألف بينهما مرة أخرى واستفاد نتيجة أخرى، ولا يزال يتزايد كذلك إلى غير نهاية.