ظاهرا وباطنا، صورة ومعنى، انما هو الحق الواجب بذاته، المؤثر في الممكنات بذاته وأسمائه وصفاته، والممكن بالذات بالمعنى الأخص ليس له من ذاته لا ذات، ولا أثر، ولا صفات، ولا وجود، ولا عدم، ولا حدوث، ولا قدم، ولا يد، ولا رجل، ولا قدم، ولا عمل، ولا علم، بل كل من الله، هذا هو ما درسوا إليه المحققون من الأنبياء والأولياء والحكماء المتألهين.
ثم ذكر في مقام بيان التمثيل الوجهين الأولين الذين ذكرهما القاضي أولا، ثم قال: الثالث: إنه تمثيل لما منح الله به عباده من القوى الخمسة: الحاسة الدراكة المباركة التي ينتظم بها أمور عالم المحسوس، وأحوال المعاش بالأصالة وبتبعيته أحوال المعاد، والخيالية التي تحفظ صور تلك المحسوسات لتعرضها على القوة العقلية التي تدرك الحقائق الكلية، وتقبل إشراقات الأنوار الإلهية والعلوم الربانية، والمفكرة وهي التي تؤلف المعاني الحاصلة والمحصلة لتستنتج منها علوما نظرية ونتائج فكرية، والقوة القدسية التي هي القوة العقلية، تقدست عن الصور الوهمية والهيئات الخيالية التي هي عقال العاقلة، ولذا سميت عقلا لأنه يعقل النفس الشيطانية عن التصرفات الباطلة، والتعطفات العاطلة.
فالأمور الخمسة المذكورة في الآية - وهي المشكاة، والمصباح، والزجاجة، والكوكب، والشجرة - إشارة إلى الأمور الخمسة المذكورة التي هي المشاعر العشرة، خمسة في الظاهر وخمسة في الباطن، والشجر إشارة إلى صورة جمعية الكل التي لا من شرق عالم المعقولات، ولا من غرب مشكاة عالم المحسوس، والزيتون هو كمال استعداد النفس الناطقة لقبول إشراقات أنوار المعارف الإلهية، ثم قال: وهذا مما قاله أهل التفسير والتنزيل.
والظاهر أن هذا المعنى الذي ذكره هو الذي ذكره القاضي البيضاوي، وهما متقاربان عصرا، والقاضي مقدم ظاهرا، فيكون القاضي هو المتقدم في هذا المعنى، والفضل للمتقدم كما لا يخفى.
الثالث: ما ذكره عبد الرزاق الكاشي بقوله: (الله نور السماوات والأرض) أي