استوى فيه كون الميت مسلما، أو غير مسلم.
وقال غيره فجعل نفس المؤمن فزعا مبالغة، كما يقال: (رجل عدل))، قال البيضاوي:
هو مصدر جرى مجرى الوصف للمبالغة، وفيه تقدير. أي: الموت ذو فزع. انتهى.
ويؤيد الثاني رواية أبي سلمة، عن أبي هريرة بلفظ (إن للموت فزعا)، رواه ابن ماجة وعن ابن عباس مثله عند البزار، وفيه تنبيه على أن تلك الحالة ينبغي لمن رآها أن يقلق من أجلها ويضطرب، ولا يظهر منه عدم الاحتفال والمبالاة.
وقوله في الرواية الأخرى أليست نفسا؟ لا يعارض التعليل المتقدم حيث قال: (إن للموت فزعا، وقد أتى أن الرواية الأخرى إنما قمنا للملائكة ونحوه لأحمد من حديث أبي موسى ولأحمد، وابن حبان، و الحاكم، من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا: (إنما تقومون إعظاما للذي يقبض النفوس، ولفظ ابن حبان (إعظاما لله) يقبض الأرواح فإن ذلك أيضا لا ينافي التعليل السابق، لأن القيام للفزع من الموت فيه تعظيم لأمر الله تعالى، وتعظيم للقائمين بأمره في ذلك، وهو الملائكة.
الثالث: روى الإمام أحمد من حديث الحسن بن علي، قال: (إنما قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تأذيا بريح اليهودي) (1) زاد الطبراني من حديث عبد الله بن عياش بالتحتية والمعجمة. فأذاه ريح بخورها فقام حتى جازته (2).
وللطبراني، والبيهقي من وجه آخر عن الحسن: كراهية أن تعلو رأسه وهذه الأحاديث لا تعارض الأخبار الأولى الصحيحة.
أما أولا: فلأن إسنادها لا تقاوم تلك في الصحة. وأما ثانيا: فلأن التعليل بذلك راجع إلى ما فهمه الراوي، والتعليل الماضي صريح من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - فكأن الراوي لم يسمع التصريح بالتعليل منه، فعلل باجتهاده، وقد روى ابن أبي شيبة من طريق خارجة بن زيد بن ثابت عن عمه يزيد بن ثابت قال: (كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فطلعت جنازة، فلما رآها قام وقام أصحابه حتى بعدت، والله ما أدري من شأنها أو من تضايق المكان، وما سألناه عن قيامه).
الرابع: اختلف أهل العلم في هذه المسألة:
فذهب الشافعي إلى أنه غير واجب، فقال: هذا إما أن يكون منسوخا أو يكون قام لعلة،