اللواء وأمره بالتقدم إلى القوم، قال: فتقدم إلى القوم وهو يقول:
لقد عقد الإمام لنا لواء * وقدمنا أمام المؤمنينا بأيدينا مثقفة طوال * وبيض المرهفات إذا حلينا نكر على الأعادي كل يوم * ونشهد حربهم متواريينا ونضرب في العجاج رؤوس قوم * تراهم جاحدين وعابدينا قال: فحمل فجعل يقاتل حتى استشهد. وتقدم من بعده عبد الله بن حماد لحميري فقاتل فاستشهد. وتقدم من بعده رفاعة (1) بن وائل الأرحبي فقاتل واستشهد. ثم تقدم من بعده كيسوم بن سلمة الجهني فقاتل فقتل. وتقدم من بعده عبد بن عبيد الخولاني فقاتل فقتل.
قال: فلم يزل يخرج رجل بعد رجل من أشد فرسان علي حتى قتل منهم جماعة وهم ثمانية، وأقبل التاسع واسمه حبيب بن عاصم الأزدي فقال: يا أمير المؤمنين! هؤلاء الذين نقاتلهم أكفارهم؟ فقال علي: من الكفر هربوا وفيه وقعوا.
قال: أفمنافقون؟ فقال علي: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا. قال: فما هم يا أمير المؤمنين حتى أقاتلهم على بصيرة ويقين؟ فقال علي: هم قوم مرقوا من دين الإسلام كما مرق السهم من الرمية، يقرأون القرآن فلا يتجاوز تراقيهم (2)، فطوبى لمن قتلهم أو قتلوه. قال: فعندها تقدم حبيب بن عاصم هذا نحو الشراة وهو التاسع من أصحاب علي فقاتل وقتل، واشتبك الحرب من الفريقين فاقتتلوا قتالا شديدا ولم يقتل من أصحاب علي إلا أولئك التسعة (3).