كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٤ - الصفحة ٢٧٤
أخشى فجاءة قوم أن يعاجلني * ولم أرد بطوال العمر تنقيصا فأسأل (1) الله بيع النفس محتسبا * حتى أرافق (2) في الفردوس حرقوصا والزبرقان (3) ومرداسا وإخوته * إذا فارقوا زهرة (4) الدنيا مخاميصا قال: ثم حمل على علي، وحمل علي فضربه ضربة ألحقه بأصحابه.
وتقدم عبد الله بن وهب الراسبي حتى وقف بين الجمعين ثم نادى بأعلى صوته: يا بن أبي طالب! حتى متى يكون هذه المطاولة بيننا وبينك! والله لا نبرح هذه العرصة أبدا أو تأبى على نفسك، فابرز إلي حتى أبرز إليك وذر الناس جانبا.
قال: فتبسم علي رضي الله عنه ثم قال: قاتله الله من رجل ما أقل حياءه! أما إنه ليعلم أني حليف السيف وجديل الرمي، ولكنه أيس من الحياة أو لعله يطمع طمعا كاذبا.
قال: وجعل عبد الله يجول بين الصفين وهو يرتجز ويقول:
أنا ابن وهب الراسبي الثاري (5) * أضرب في القوم لأخذ الثار حتى تزول دولة الأشرار * ويرجع الحق إلى الأخيار ثم حمل فضربه علي ضربة ألحقه بأصحابه.
قال: واختلط القوم فلم تكن إلا ساعة حتى قتلوا بأجمعهم (6)، وقد كانوا أربعة آلاف، فما فلت منهم إلا تسعة نفر، فهرب منهم رجلان إلا خراسان إلى أرض سجستان وفيها نسلهما إلى الساعة، وصار رجلان إلا بلاد اليمن فيها نسلهما إلى الساعة، ورجلان صارا إلا بلاد الجزيرة إلى موضع يقال له سوق التوريخ (7)

(١) عند المبرد وشرح النهج: وأسأل.
(٢) المبرد وشرح النهج وشعر الخوارج: ألاقي.
(٣) المصادر السابقة: وابن المنيح.
(٤) عن الكامل للمبرد، وفي شرح النهج: إذ فارقوا هذه الدنيا مخاميصا.
والمخاميص يعني ضامر البطون.
وبعده في شعر الخوارج:
تخال صفهم في كل معترك * للموت سورا من البنيان مرصوصا (٥) شعر الخوارج: ص ٤٣: الشاري.
(٦) في الأخبار الطوال ص ٢١٠: وقتلت الخوارج كلها ربضة واحدة.
(7) كذا ولم نعثر عليه.
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»
الفهرست