وجهه: وكيف أقتلك ولا ذنب لك عندي، إني لم أردك بذلك المثل، ولكن خبرني النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن قاتلي رجل من مراد، ولو أعلم أنك قاتلي لقتلتك (1)، ولكن هل كان لك لقب في صغرك؟ فقال: لا أعرف ذلك يا أمير المؤمنين! قال علي: فهل لك حاضنة يهودية فقالت لك يوما من الأيام: يا شقيق عاقر ناقة صالح! قال: قد كان ذلك يا أمير المؤمنين! قال: فسكت علي وركب وصار إلى منزله.
فلما كان يوم ثالث وعشرين (2) من شهر رمضان خرج علي من منزله، فلما صار في صحن الدار كان في داره شيء من الوز، فتصايح الوز في وجهه، فقال علي رضي الله عنه: صوائح تتبعها نوائح. فقال له ابنه الحسين: يا أبة! ما هذه الطيرة؟
فقال: يا بني! لم أتطير، ولكن قلبي يشهد أني مقتول في هذا الشهر. قال: وجاء علي رحمه الله إلى باب دار مفتحة ليخرج، فتعلق الباب بمئزره فحل مئزره وهو يقول:
اشدد حيازيمك للموت (3) * فإن الموت لاقيكا ولا تجزع من الموت * فقد (4) حل بواديكا فقد أعرف أقواما * وإن كانوا صعاليكا مصاريع إلى النجدة * وللغي متاريكا قال: ثم مضى يريد المسجد وهو يقول:
خلوا سبيل المؤمن المجاهد * في الله لا يعبد غير الواحد ويوقظ الناس إلى المساجد