وأروني فأرخوا الحجاب بيني وبينه. ثم أذنت لعبد الرحمن بن ملجم بالدخول عليها، فلما دخل ونظر إليها أرخوا الستر بينها وبينه، فقال لها: التأم أمرنا أم لا؟
فقالت: أوليائي أبوا أن ينكحوني إياك إلا على ثلاثة ألف درهم وعبد وقينة، قال:
لك ذلك. قالت: وشرط آخر، فقال: وما هذا الشرط؟ قالت: قتل علي بن أبي طالب، قال: فاسترجع المرادي ثم قال: ويحك! من يقدر على قتل علي وهو فارس الفرسان، ومغالب الأقران، والسباق إلى الطعان فقالت: لا تكثر علينا، أما المال فلا حاجة لنا فيه، ولكن قتل علي بن أبي طالب هو الذي قتل أبي يوم كذا وكذا (1). فقال ابن ملجم: أما قتل علي إن رضيت مني بضربة أضرب عليا بسيفي فعلت. قالت: قد رضيت على أن يكون سيفك عندي رهينة. قال: فدفع إليها سيفه وانصرف إلى منزلة.
وقدم علي كرم الله وجهة من سفره، واستقبله الناس يهنئونه بظفره بالخوارج، ودخل إلى المسجد الأعظم، فصلى فيه ركعتين ثم صعد المنبر فخطب خطبة حسنا ثم التفت إلى ابنه الحسين فقال: يا أبا عبد الله! كم بقي من شهرنا هذا - يعني شهر رمضان الذي هم فيه؟ فقال الحسين: سبع عشرة يا أمير المؤمنين. قال: فضرب بيده إلى لحيته وهي يومئذ بيضاء (وقال): والله ليخضبنها بالدم إذ انبعث أشقاها.
قال ثم جعل يقول:
أريد حياته ويريد قتلي * خليلي من عذيري من مراد (2) قال: فسمع ذلك عبد الرحمن بن ملجم لعنة الله فكأنه وقع بقلبه شيء من ذلك، فجاء حتى وقف بين يدي علي رضي الله عنه فقال: أعيذك بالله يا أمير المؤمنين، فهذه يميني وشمالي بين يديك فاقطعهما أو اقتلني! فقال علي كرم الله