قال: وتقدم رجل من الشراة يقال له الأخنس العيزار (1) الطائي حتى وقف بين الجمعين، وكان من أشد فرسان الخوارج، وكان ممن شهد يوم صفين وقاتل فيه، فلما كان ذلك اليوم تقدم حتى وقف بين الجمعين وأنشأ يقول:
ألا ليتني في يوم صفين لم أءب * وغودرت في القتلى بصفين ثاويا وقطعت إربا أو ألقيت جثة * وأصبحت ميتا لا أجيب المناديا ولم أر قتلى سنبس ولقتلهم * أشاب غداة البين مني النواصيا ثمانون من حي جديلة قتلوا * على النهر كانوا يحضبون العواليا ينادون لا لا حكم إلا لربنا * حنانيك فاغفر حوبنا والمساويا هم فارقوا من جار لله حكمه * وكل عن الرحمن أصبح راضيا فلا وإله الناس ما هان معشر * على النهر في الله الحتوف القواضيا شهدت لهم عند الإله بفلحهم * إذا صالح الأقوام خافوا المخازيا وإيلوا إلى التقوى ولم يتبعوا الهوى * فلا يبعدن الله من كان شاريا قال: ثم حمل على أصحاب علي كرم الله وجهة حملة فشق الصفوف وقصده علي، فالتقيا بضربتين فضربه علي فألحقه بأصحابه. وحمل ذو الثدية على علي ليضربه بسيفه، وسبقه علي فضربه على بيضته فهتكها، وحمل به فرسه وهو كما به من الضربة، حتى رمى به في آخر معركة على شط النهروان في جرف دالية خربة.
قال: وخرج من بعده ابن عم له يقال له مالك بن الوضاح (2)، حتى وقف بين الجمعين وهو يقول:
إني لبائع ما يفنى بباقية (3)، ولا أريد لذي الهيجاء تربيصا (4) (5)