أعواد المنايا وحمل، ودفن في جوف الليل الغابر بموضع يقال له الغري (1)، وقال قوم بأنه دفن ما بين منزله إلى المسجد - والله أعلم.
فلما كان الغد أذن الحسن وأقام، وتقدم فصلى بالناس صلاة الفجر، ثم وثب فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال: أيها الناس! من عرفني فقد عرفني، ومن جهلني أنبأته باسمي على أن الناس بي عارفون. أيها الناس! (2) قد دفن في هذه الليلة رجل لم يدركه الأولون بعلم ولا الآخرون بحلم، ولقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا قدمه للحرب فجبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، فما يلبث أن يفتح الله على يديه. أيها الناس! إنه ما خلف صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم (3) قد كان أراد أن يبتاع بها لأختي أم كلثوم خادما، وقد أمرني أن أردها إلى بيت المال.
قال: ثم نزل عن المنبر، وأمر الحسن فأتي بابن ملجم من السجن، وضربه الحسن على رأسه ضربة (4)، وبادرت إليه الشيعة من كل ناحية فقطعوه بسيوفهم إربا إربا، وفي ذلك يقول العبدي (5):
فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة * كمهر قطام بينا غير مبهم (6) ثلاثة آلاف وعبدا (7) وقينة (8) * وضرب علي بالحسام المسمم (9) فلا مهر أغلى من علي وإن غلا * ولا فتك إلا دون فتك (10) ابن ملجم