كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٤ - الصفحة ٢٨٢
أعواد المنايا وحمل، ودفن في جوف الليل الغابر بموضع يقال له الغري (1)، وقال قوم بأنه دفن ما بين منزله إلى المسجد - والله أعلم.
فلما كان الغد أذن الحسن وأقام، وتقدم فصلى بالناس صلاة الفجر، ثم وثب فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال: أيها الناس! من عرفني فقد عرفني، ومن جهلني أنبأته باسمي على أن الناس بي عارفون. أيها الناس! (2) قد دفن في هذه الليلة رجل لم يدركه الأولون بعلم ولا الآخرون بحلم، ولقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا قدمه للحرب فجبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، فما يلبث أن يفتح الله على يديه. أيها الناس! إنه ما خلف صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم (3) قد كان أراد أن يبتاع بها لأختي أم كلثوم خادما، وقد أمرني أن أردها إلى بيت المال.
قال: ثم نزل عن المنبر، وأمر الحسن فأتي بابن ملجم من السجن، وضربه الحسن على رأسه ضربة (4)، وبادرت إليه الشيعة من كل ناحية فقطعوه بسيوفهم إربا إربا، وفي ذلك يقول العبدي (5):
فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة * كمهر قطام بينا غير مبهم (6) ثلاثة آلاف وعبدا (7) وقينة (8) * وضرب علي بالحسام المسمم (9) فلا مهر أغلى من علي وإن غلا * ولا فتك إلا دون فتك (10) ابن ملجم

(١) الغري: نصب كان يذبح عليه العتائر والغريالان طريالان وهما بناءان كالصومعتين بظاهر الكوفة قرب قبر علي بن أبي طالب (رض).
وفي مقاتل الطالبيين: دفن بالرحبة، مما يلي أبواب كندة.
(٢) الطبري ٦ / ٩١ ابن الأثير ٢ / ٤٤٢ مروج الذهب ٢ / ٤٦١.
(٣) مروج الذهب: سبعمئة درهم... وقال بعضهم: ترك لأهله مائتين وخمسين درهما ومصحفه وسيفه.
(٤) اختلفوا في قتله. انظر مروج الذهب ٢ / ٤٦١ الكامل للمبرد ٣ / ١١٢٠ الكامل لابن الأثير ٢ / ٤٣٦ الأخبار الطوال ص ٢١٥.
(٥) الطبري ٦ / ٨٧ ابن أبي إياس، وفي مروج الذهب ٢ / ٤٥٨ والكامل للمبرد ٣ / ١١١٦ نسبت لابن ملجم نفسه. ولم تنسب في الأخبار الطوال ص ٢١٤.
(٦) في الطبري والأخبار الطوال: ولم... كمهر قطام من فصيح وأعجم.
(٧) كذا بالأصل والأخبار الطوال، وفي بقية المصادر: وعبد.
(8) بالأصل: فتية، وما أثبت عن المصادر.
(9) في المصادر: المصمم.
(10) الطبري: ولا قتل... قتل ابن ملجم.
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»
الفهرست