حق اليقين: وهو ما حصل عن العيان مع المباشرة.
فالأول: كمن علم بالعادة أن في البحر ماء.
والثاني: كمن مشى حتى وقف على ساحله وعاينه.
والثالث: كمن خاض فيه واغتسل وشرب منه، وإذا عرفت فإيمان إبراهيم - عليه السلام - بالقدرة على إحياء الموتى قبل أن يراه كان علم يقين نظري فأراد أن يطمئن قلبه بالإيمان بذلك عن عين اليقين وحق اليقين، فلذلك قيل له: ﴿فخذ أربعة من الطير﴾ (١) إلى آخره، أي باشر هذا الأمر ليحصل عين اليقين عيانا. وحق اليقين مباشرة.
وفي الحديث: ليس الخبر كالعيان، أن موسى بلغه أن قومه قد فتنوا فلم يتغير، فلما رآهم عاكفين على العجل أخذ براس أخيه يجره إليه، وفي هذا المعنى قيل:
ولكن للعيان لطيف معنى * له سأل المعاينة الكليم وحينئذ يكون معنى الكلام: بل آمنت عن نظر واستدلال، ولكن أريد طمأنينة القلب بنظر العيان.
قال كاتبه: وهذا الذي قاله الطوفي يتضمنه كلام القاضي عياض، ولكن باختصار، وقال: وقد روي عن ابن عباس - رضي الله تبارك وتعالى عنه - في قوله تعالى: ﴿قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي﴾ (2)، قال: أعلم أنك مجيبي إذا دعوتك وتعطيني إذا سألتك.
وقال ابن خزيمة: سمعت المزني يقول - وذكر هذا الحديث: نحن أحق بالشك من إبراهيم، قال المزني: إنما شك إبراهيم أن يجيبه الله إلى ما سأل أم لا.
وقال أبو عوانة الأسفراييني: سمعت أبا حاتم الرازي يقول: يعني نحن أحق بالمسألة، وسمعت القاضي إسماعيل يقول: كان يعلم بقلبه أن الله يحيى الموتى، ولكن أحب أن يرى معاينة، وعن سعيد بن جبير (ولكن ليطمئن