وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله - تعالى - قرن بكل أحد شيطانا وأن الله - تعالى - أعانه على شيطانه فأسلم، فلا يأمره إلا بخير، والملائكة برآء من هذا إلا أنهم مخلوقون من نور لا من أمشاج، والنور لا كدر فيه ولا مزاح بل هو ظاهر سليم، وبهذا نقول.
وقال: سيف الدين الآمدي اختلف في السهو، فذهب الأسفرايني وكثير إلى امتناعه، وذهب أبو بكر الباقلاني إلى جوازه، وأما الإمام فخر الدين فادعى في بعض كتبه الإجماع على امتناعه، وفي بعضهما نقل الخلاف، وحاصل الخلاف راجع إلى أن ذلك هل هو داخل تحت دلالة المعجزة على التصديق أم لا؟ فمن جعله غير داخل جوزه، وفي كلام إمام الحرمين إشارة إلى ذلك فيما يختلف ببيان الشرائع بسواء كان قولا أو فعلا، وميله إلى الجواز، واحتج بقصة ذي اليدين.
وقال أبو العالي بن الزملكاني: الذي يظهر أن ما طريقته التبليغ فيه ما يقطع بدخوله تحت المعجزة على الصدق، فهذا لا نزاع في أنه لا يجوز فيه التحريف، ولا الخيانة، ولا الكذب، ولا السهو، وما لا يكون كذلك وهو مما طريقه التبليغ والبيان للشرائع هو محل الخلاف، ويحتمل كلام فخر الدين حين نقل الإجماع على القسم الأول، ويحمل كلامه وكلام الآمدي حين نقلا الخلاف على الثاني.
ونقل القاضي عياض الإجماع على عدم جواز السهو والنسيان في الأقوال البلاغية، وخص الخلاف بالأفعال.
قلت: هذا تفصيل اختلاف الأمة في مسألة العصمة على الجملة، وحجج المحققين وشبه المبطلين في هذه المسألة كثيرة جدا.
وقال القاضي عياض: إعلم أن الطوارئ من التغييرات والآفات على آحاد البشر لا تخلو أن تطرأ على جسمه، أو على حواسه، بغير قصد واختيار، كالأمراض والأسقام أو تطرأ بقصد واختيار، وكله في الحقيقة عمل وفعل ولكن جرى رسم المشايخ لتفصيله إلى ثلاثة أنواع: عقد بالقلب.. وقول باللسان..
وعمل بالجوارح...