النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب به غيره. وقيل: هو تقدير كقوله: ﴿أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله﴾ (١)، وقد علم أنه لم يقل.
وقيل: معناه ما كنت في شك فاسأل، تزدد طمأنينة وعلما إلى علمك ويقينك، وقيل: إن كنت تشك فيما شرفناك وفضلناك به، فسلهم عن صفتك في الكتب ونشر فضائلك، وحكي عن أبي عبيدة: أن المراد إن كنت في شك من غيرك مما أنزلنا.
قال كاتبه: وذهب محمد بن جرير إلى أن معناه: كقول القائل: إن كنت ابني فبرني، وهو لا يشك في أنه ابنه، وإن ذلك من كلام العرب صحيح فيهم.
ومنه قوله تعالى: ﴿يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين﴾ (٢)، وقد علم - تعالى - أن عيسى لم يقل ذلك فهذا من ذلك لم، يكن النبي صلى الله عليه وسلم شاكا في حقيقية خبر الله - تعالى - وصحته، والله - تعالى - بذلك من أمره كان عالما، ولكنه خاطبه خطاب قومه بعضهم بعضا إذ كان القرآن بلسانهم نزل: ﴿فلا تكونن من الممترين﴾ (٣)، خبر من الله - تعالى - مبتدأ بقوله تعالى: أقسم لقد جاء الحق اليقين من الخبر بأنك لك رسول الله وأن هؤلاء اليهود والنصارى يعلمون صحة ذلك ويجدون بعثك عندهم في كتبهم:
﴿فلا تكونن من الممترين﴾ (4) يقول: فلا تكونن من الشاكين في صحة ذلك وحقيقته.
وقال الحافظ أبو محمد بن حزم: وذكروا قول الله تعالى: (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك)، وهذا إنما عهدناه يعترض به الكفار، وأما المؤمن فما ظن قط بنبي أنه يشك فيما يدعو الناس وهذا غاية الوسواس، نعود بالله من الخذلان، ولنا في هذه الآية رسالة مشهورة، وجملة حل هذا الشك أن (إن) هنا