الوجه الرابع: أنه لما احتج على المشركين بأن ربه يحيي ويميت، طلب ذلك من ربه، ليصح احتجاجه عيانا.
الوجه الخامس: قول بعضهم هو سؤال عن طريق المراد: أقدرني على إحياء الموتى، قوله ﴿ليطمئن قلبي﴾ (١) عن هذه الأمنية.
الوجه السادس: أنه أرى من نفسه الشك - وما شك - لكن ليجاوب فيزاد قربه.
وقول نبينا صلى الله عليه وسلم: نحن أحق بالشك من إبراهيم نفي لأن يكون إبراهيم شك وإبعاد للخواطر الضعيفة أن نظن هذا بإبراهيم، أي نحن موقنون بالبعث وإحياء الله الموتى، فلو شك إبراهيم لكنا أولى بالشك منه، إما على طريق الأدب، أو أن يريد منه الذين يجوز عليهم الشك أو على طريق التواضع والإشفاق إن حملت قصة إبراهيم على اختيار حاله أو زيادة يقينه.
وقال أبو محمد بن حزم: وكذلك قوله عليه السلام: ﴿رب أرني كيف تحيي الموتى﴾ (2)، ولم يقره ربنا - تعالى - وهو يشك في إيمان إبراهيم خليله تعالى الله عن هذا ولكن تقريرا للإيمان في قلبه، وإن لم ير كيف إحياء الموتى، فأخبر عليه السلام عن نفسه أنه مؤمن مصدق وأنه إنما أراد أن يرى الكيفية فقط، ويعتبر بذلك، وما شك إبراهيم قط في أن الله يحيي الموتى، وإنما أراد أن يرى الهيئة، كما أنا لا نشك في صحة وجود الفيل، والتمساح، وزيادة النهر، والخليفة، ثم يرغب من لم ير ذلك منا أن يراه، لا شكا في أنه حق، ولكن ليرى العجب الذي تتمثله نفسه، ولم تقع عليه حاسة بصره فقط، وأما ما روى من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: نحن أحق بالشك من إبراهيم قال كاتبه: فإنه حديث صحيح.