فالفضيلة بموعود الله له تأتيه، وإن لم يسأل، فزاده الله بها بصيرة وثقة بربه - تعالى، وازداد المؤمنون إيمانا، وثباتا على ما عهدوا من صدق دعوته صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن عبد البر: وأما قوله صلى الله عليه وسلم إني رأيت الجنة، ورأيت النار، فالآثار في رؤيته لهما كثيرة، وقد رآهما مرارا على ما جاءت به الآثار عنه، وعند الله علم كيفية رؤيته لهما، فممكن أن يمثلا له فينظر إليها بعيني وجهه كما مثل له بيت المقدس حين كذبه الكفار في الإسراء فنظر إليه، وجعل يخبرهم عنه، وممكن أن يكون ذلك برؤية القلب، والظاهر هو أنه رأى الجنة والنار رؤية عين، وتناول من الجنة عنقودا، ويؤيد ذلك قوله فيه: لم أر كاليوم منظرا قط، وحق النظر إذا أطلق، والروية أن لا يتبعوا بهما روية العين لا يدل بدليل على أن الجنة والنار مخلوقتان.
وأما إشارته إلى أبي هريرة رضي الله تبارك وتعالى عنه حتى أنه لم ينس بعد ذلك شيئا حفظه منه فخرج البخاري ومسلم من حديث سفيان بن عيينة، وقال النسائي في سياقته عن سفيان قال: حدثنا الزهري، قال: سمعت أبا هريرة يقول، قال مسلم في سياقته عن سفيان، عن الزهري، عن الأعرج، قال: سمعت أبا هريرة يقول، وقال البخاري في سياقته عن سفيان حدثنا الزهري.
أنه سمعه من الأعرج يقول: أخبرني أبو هريرة، قال: إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله الموعد أنني كنت امرأ مسكينا ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال النسائي: أصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال مسلم: أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني، وكان المسلمون يشغلهم الصفق بالأسواق، وكان الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم، فشهدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، وقال: من يبسط رداءه، حتى أقضي مقالتي فلا ينسى شيئا سمعه مني، فبسطت بردة