ومثل هذه الآية قوله تعالى: ﴿الرحمن فاسأل به خبيرا﴾ (١)، المأمور هاهنا غير النبي صلى الله عليه وسلم، ليسأل النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم هو الخبير المسؤول لا المستخبر السائل، وقال: إن هذا الذي أمر غير النبي صلى الله عليه وسلم بسؤال الذين يقرؤن الكتاب إنما فيما قصد من إخبار الاسم لا فيما دعا إليه من التوحيد والشريعة.
ومثل هذا قوله تعالى: ﴿وأسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا﴾ (٢)، المراد به المشركون والخطاب موجه للنبي صلى الله عليه وسلم، قال العتبي: وقيل: معناه سلنا عمن أرسلنا من قبلك، فخذ الخافض، وتم الكلام ثم ابتدأ ﴿أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون﴾ (٣) على طريق الانكار أي ما جعلنا، حكاه مكي، وقيل: أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسأل الأنبياء ليلة الإسراء عن ذلك، فكان أشد يقينا أن يحتاج إلى السؤال، ويروى أنه قال: لا أسأل قد اكتفيت، قاله: ابن زيد، وقيل: سل أمم من أرسلنا: هل جاءوهم بغير التوحيد؟ وهو معنى قول مجاهد والسدي والضحاك وقتادة.
والمراد هنا بهذا والذي قبله إعلامه صلى الله عليه وسلم بما بعث به الرسل، وأنه - تعالى - لم يأذن في عبادة غيره لأحد، ردا على مشركي العرب وغيرهم في قولهم: ﴿إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى﴾ (٤)، وكذلك قوله تعالى:
﴿والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين﴾ (٥)، أي في علمهم بأنك رسول الله وإن لم يقروا بذلك، وليس المراد به شكه فيما ذكر في أول الآية.
وقد يكون أيضا على مثل ما تقدم، أي قل لمن امترى يا محمد في ذلك لا تكونن من الممترين بدليل قوله تعالى: ﴿أفغير الله أبتغي حكما﴾ (6)، وأن