الموطن الثاني من مواطن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم:
الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول وقد اختلف فيه فقال الشافعي في (الأم): يصلي فيه على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول، وهذا هو المشهور في المذهب، وهو الجديد، لكنه يستحب وليس بواجب، وقال في القديم: ولا يزيد على التشهد، وهذه رواية المازني عنه، وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم، واحتج بقول الشافعي - رحمه الله - بما خرجه الدارقطني من طريق موسى بن عبيد الله عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد والتحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.
وبما تقدم من حديث عمرو بن شمرة: إذا جلست في صلاتك فلا تتركن الصلاة علي، وهذا عام يشمل الجلستين، واحتج أيضا بأن الله - تعالى - أمر المؤمنين بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتسليم على رسوله صلى الله عليه وسلم فدل على أنه حيث شرع التسليم عليه شرعت الصلاة عليه. ولهذا سأله أصحابه عن كيفية الصلاة عليه، وقالوا: قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ فدل على أن الصلاة مقرونة بالسلام، ومعلوم أن المصلي يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فتشرع الصلاة عليه كالتشهد الأخير، لأن التشهد الأول محل يستحب في ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم فاستحب في الصلاة عليه، لأنه أكمل في ذكره. ولأن في حديث محمد كيف نصلي عليك إذا نحن جلسنا في صلاتنا؟ وقال الآخرون: ليس التشهد الأول بمحل لذلك. وهو القديم من قول الشافعي، وقد صححه جماعة. لأن التشهد الأول تخفيفه مشروع، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلس فيه كان على الردف، ولم يثبت عنه أنه كان يقول ذلك فيه، ولا علمه الأمة، ولا نعرف أن أحدا من الصحابة استحبه، ولأن مشروعية ذلك لو كانت كما ذكرتم من الأمر، لكانت واجبة في هذا المحل كما في الأخير. لتناول الأمر لهما. ولأنه لو كانت الصلاة مستحبة في هذا الموضع لاستحبت فيه الصلاة على آله. لأن النبي صلى الله عليه وسلم