إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ١١ - الصفحة ٣٨٣
وأما ذهاب البرد عن حذيفة بن اليمان (1) بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم له بذلك فخرج مسلم من حديث جرير عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه قال: كنا عند حذيفة، [بن اليمان] فقال رجل: لو أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلت معه وأبليت (2)، فقال له حذيفة: أنت تفعل ذلك؟ لقد رأينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب وأخذتنا ريح شديدة (3) وقر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا رجل يأتيني بخبر القوم جعله الله معي يوم القيام؟ فسكتنا، فلم يجبه منا أحد، ثم قال:
ألا رجل يأتينا يخير القوم جعله الله معي يوم القيامة؟ فسكتنا، فلم يجبه منا أحد فقال: قم يا حذيفة فاتنا بخبر القوم، فلم أجد بدا إذ دعاني باسمي أن أقوم، فقال: اذهب فأتني بخبر القوم، ولا تذعرهم علي (4).

(1) هو حذيفة بن اليمان، من نجباء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وهو صاحب السر، واسم اليمان: حسل ويقال: حسيل - بن جابر العبسي اليماني، أبو عبد الله، حليف الأنصار، ومن أعيان المهاجرين حدث عنه أبو وائل، وزر بن حبيش، وزيد بن وهب، وهمام بن الحارث، وخلق سواهم. له في الصحيحين اثنا عشر حديثا، وفي البخاري ثمانية، وفي مسلم سبعة عشر حديثا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أسر إلى حذيفة أسماء المنافقين، وضبط عنه الفتن الكائنة في الأمة، وقد ناشد عمر: أأنا من المنافقين؟ فقال: لا، ولا أزكي أحدا بعدك. وحذيفة هو الذي ندبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب ليجس له خبر العدو، وعلى يده فتح الدينور عنوة، ومناقبه تطول - رضي الله تبارك وتعالى عنه - قال حذيفة: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، ولي حذيفة إمرة المدائن لعمر، فبقي عليها إلى بعد مقتل عثمان، وتوفي بعد عثمان بأربعين ليلة، (تهذيب سير أعلام النبلاء): 1 / 61، ترجمة رقم (181) - (الإصابة): 2 / 44 - 45، ترجمة رقم (1649)، (الإستيعاب): 1 / 334 - 335، ترجمة رقم (492).
(2) أبليت: من البلاء الحسن وهو المبالغة في النصرة.
(3) كذا في (الأصل)، وفي (دلائل البيهقي): " في ليلة ذات ريح شديدة ".
(4) أي لا تحركهم عليك، فإنهم إن أخذوك كان ضررا علي لأنك رسولي وصاحبي.
(٣٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 ... » »»
الفهرست