يسمع الصوت، ويرى الضوء سبع سنين ولا يرى شيئا وثمان سنين قبل أن يوحى إليه.
وقد روى ابن إسحاق، عن بعضهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وذكر جواره بغار حراء قال: فجاءني، وأنا نائم، فقال: اقرأ، قلت: وما أقرأ وذكر نحو حديث عائشة وإقرائه: ﴿اقرأ باسم ربك﴾ (1) السورة. قال: فانصرف عني وهببت من نومي، كأنها صورت في قلبي، ولم يكن أبغض إلى من شاعر أو مجنون قلت: لا تحدث عني قريش بهذا أبدا إلا عمدت إلى حالق من الجبل فلأطرحن نفسي منه فلأقتلنها فبينا أنا عامد لذلك إذ سمعت مناديا ينادي من السماء: محمد أنت رسول الله وأنا جبريل، فرفعت رأسي فإذا جبريل - عليه السلام - على صورة رجل، وذكر الحديث.
فقد بين في هذا أن قوله: لما قال وقصده ما قصد إنما كان قبل لقاء جبريل، وقيل إعلام الله له بالنبوة وإظهاره واصطفاءه له بالرسالة.
ومثله حديث عمرو بن شرحبيل أنه صلى الله عليه وسلم قال لخديجة: إني إذا خلوت وحدي سمعت نداء، وقد خشيت أن يكون هذا الأمر، ومن حديث حماد بن سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الحديث إني لأسمع صوتا، وأرى ضوءا، وأخشى أن يكون بي جنون، وكل هذا يتأول لو صح قوله في بعض الأحاديث: أن الأبعد شاعر أو مجنون، وألفاظا يفهم منها معاني الشك في تصحيح ما رآه كله في ابتداء أمره، وقبل لقاء الملك له، وإعلام الله له أنه رسوله، فكيف وبعض هذه الألفاظ لا يصح طرقها؟ وأما بعد إعلام الله - تعالى - ولقاء الملك، فلا يصح فيه ريب، ولا يجوز عليه شك فيما ألقى.
وقد روى ابن إسحاق عن شيوخه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرقى بمكة من العين قبل أن ينزل عليه، فلما نزل عليه القرآن أصابه نحو ما كان يصيبه، فقالت له خديجة: أوجه إليك من يرقيك؟ قال: أما الآن فلا، وحديث خديجة - رضي الله تبارك وتعالى عنها - وإخبارها أمر جبريل بكشف رأسها...
الحديث، إنما ذلك في حق خديجة، لتتحقق صحة نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن