ما كان، وطائفة زادت في الاعتداء والتعدي، فتركت الصحابة، وقدحت في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي جبريل عليه السلام وفي الله عز وجل، حيث لم يذعن على مرتبتهم للناس حتى لا يجهلونهم، فكان الأصل في حبهم لأهل البيت صحيحا، ولكن الغلو في ذلك أخرجهم عن الحد، فانعكس أمرهم إلى الضد، وقال: الله تعالى: ﴿لا تغلوا في دينكم﴾ (١).
وقال علي بن أبي طالب - رضي الله تبارك وتعالى عنه: يهلك في رجلان: محب مفرط، ومبغض مفرط، وفي رواية لهلك في رجلان: محب مطري، ومبغض مفتري.
وعن حسن بن الحسن بن الحسن بن علي، أنه قال لرجل يغلو فيهم:
ويحكم! أحبونا لله فإن أطعنا الله فأحبونا وإن عصينا الله فأبغضونا فوالله لو كان الله نافعا أحدا بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير طاعة الله، لنفع بذلك أباه وأمه، قولوا فينا الحق فإنه أبلغ فيما تريدون ونحن نرضي به منكم.
وقال الزبير بن بكار: حدثني عبد الله بن إبراهيم بن قدمة الجمحي، عن أبيه، عن جده، عن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن طالب، عن أبيه، قال: قدم المدينة قوم من أهل العراق، فجلسوا إلى فذكروا أبا بكر وعمر - رضي الله تبارك وتعالى عنهما - فمسوا منهما، ثم ابتركوا في عثمان - رضي الله تبارك وتعالى عنه - ابتراكا، فقلت لهم: أخبروني أنتم من المهاجرين الأولين الذين قال الله - تعالى - فيهم: ﴿للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون﴾ (٢)؟ قالوا: لسنا منهم، قلت: فأنتم من الذين قال الله - تعالى - فيهم: ﴿والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في أنفسهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على صدورهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون﴾ (3)، قالوا: