ابن علي بن أبي طالب - إلى داره عند الحمام فقلت له: إنه قد طال ملك هشام وسلطانه، وقد قرب من العشرين سنة، وقد زعم الناس أن سليمان سأل ربه ملكا لا ينبغي لاحد من بعده، فزعم الناس أنها العشرون، فقال: ما أدري ما أحاديث الناس، ولكن أبي حدثني عن أبيه عن علي عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: " لن يعمر الله ملكا في أمة نبي مضى قبله ما بلغ ذلك النبي من العمر في أمته، فإن الله عمر نبيه (صلى الله عليه وسلم) ثلاث عشرة سنة بمكة وعشرا بالمدينة ". وقال ابن أبي خيثمة: ليس حديث فيه توقيت غير هذا، قرأه يحيى بن معين على كتابي فقال: من حدثك به؟ فقلت: إبراهيم، فتلهف أن لا يكون سمعه، وقد وراه ابن جرير في تاريخه عن أحمد بن زهير عن إبراهيم بن المنذر الحزامي.
وروى مسلم بن إبراهيم، ثنا القاسم بن الفضل، حدثني عباد بن المعرا الفتكي عن عاصم بن المنذر بن الزبير عن عبد الله بن الزبير أنه سمع عليا يقول: هلاك ملك بني أمية على رجل أحول - يعني هشاما -.
وروى أبو بكر بن أبي الدنيا، عن عمر بن أبي معاذ النميري، عن أبيه، عن عمرو بن كليع، عن سالم كاتب هشام بن عبد الملك؟ قال خرج علينا يوما هشام وعليه كآبة وقد ظهر عليه الحزن، فاستدعى الأبرش بن الوليد فجاءه فقال: يا أمير المؤمنين مالي أراك هكذا؟ فقال: مالي لا أكون وقد زعم أهل العلم بالنجوم أني أموت إلى ثلاث وثلاثين من يومي هذا. قال: فكتبنا ذلك، فلما كان آخر ليلة من ذلك جاءني رسوله في الليل يقول: أحضر معك دواء للذبحة، وكان قد أصابته قبل ذلك، فاستعمل منه فعوفي، فذهبت إليه ومعي ذلك الدواء فتناوله وهو في وجع شديد، واستمر فيه عامة الليل، ثم قال: يا سالم اذهب إلى منزلك فقد وجدت خفة وذر الدواء عندي، فذهبت فما هو إلا أن وصلت إلى منزلي حتى سمعت الصياح عليه، فجئت فإذا هو قد مات.
وذكر غيره أن هشاما نظر إلى أولاده وهم يبكون حوله فقال: جاد لكم هشام بالدنيا وجدتم عليه بالبكاء، وترك لكم ما جمع، وتركتم له ما كسب، ما أسوأ منقلب هشام إن لم يغفر الله له. ولما مات جاءت الخزنة فختموا على حواصله وأرادوا تسخين الماء فلم يقدروا له على فحم حتى استعاروا له، وكان نقش خاتمه الحكم للحكم الحكيم. وكانت وفاة بالرصافة يوم الأربعاء لست بقين (1) من ربيع الآخر سنة خمس وعشرين ومائة، وهو ابن بضع وخمسين سنة، وقيل إنه جاوز الستين، وصلى عليه الوليد بن يزيد بن عبد الملك (2)، الذي ولى الخلافة بعده، وكانت خلافة هشام تسع عشرة سنة وسبعة أشهر وأحد عشر يوما، وقيل وثمانية أشهر وأيام فالله أعلم.
وقال ابن أبي فديك: ثنا عبد الملك بن زيد، عن مصعب، عن الزهري، عن أبي سلمة بن